في خطوة تصعيدية تعكس توتر العلاقة بين السلطة القضائية في شخص نادي قضاة المغرب و وزير العدل عبد اللطيف وهبي ، أصدر نادي قضاة المغرب بلاغًا شديد اللهجة، يومه الجمعة 21 فبراير 2025، عبّر فيه عن استغرابه ورفضه للتصريحات التي أدلى بها السيد وزير العدل خلال ندوة حول “مشروع قانون المسطرة الجنائية: المضامين، الرهانات والآفاق”، والتي نظمت بمدينة الرباط يوم 20 فبراير 2025.
و قد أدان نادي قضاة المغرب ما وصفه بالطريقة “المتهكمة وغير المسؤولة” التي تحدث بها السيد الوزير عن القضاة وجمعياتهم المهنية، معتبرًا أن تصريحاته تقلل من مكانة السلطة القضائية وتتنافى مع مبدأ استقلالها الذي يكفله الدستور ، كما شدد المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب على أن هذه التصريحات تشكل خرقًا واضحًا لواجب التحفظ الذي ينبغي أن يلتزم به الوزير في إطار احترام المؤسسات الدستورية.
و حسب البلاغ الذي توصلت الحقيقة24 بنسخة منه ، وجّه النادي انتقادات حادة لغياب المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية للقضاة في إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية، مؤكدًا أن تغييب القضاة عن النقاشات التشريعية المتعلقة بمهامهم يتعارض مع مقتضيات الفصل 12 من الدستور، الذي ينص على ضرورة إشراك الجمعيات في إعداد السياسات العمومية.
كما ذكّر النادي بأن الديمقراطية التشاركية ليست “عطية” تمنحها وزارة العدل، بل هي التزام دستوري يجب احترامه، لا سيما أن السلطة القضائية شريك أساسي في إصلاح منظومة العدالة.
وفي رد مباشر على تصريح الوزير عبد اللطيف وهبي الذي قال فيه: “هاد القضاة كايغوتو على الاستقلالية، كانعطيوها ليهم كايقولك أجيو جلسوا معنا”، شدد نادي قضاة المغرب على أن استقلال القضاء ليس هبة من السلطة التنفيذية، بل هو اختيار ملكي سامي تدعمه إرادة شعبية، جسّدها التصويت على دستور 2011.
وأكد النادي في بلاغه أن استقلال القضاء منصوص عليه في الفصل 107 من الدستور، وأنه ليس من صلاحيات وزير العدل تقييم قرارات المسؤولين القضائيين، بما فيها تلك المتعلقة بالسراح المؤقت.
واعتبر أن أي تدخل من قبل السلطة التنفيذية في عمل القضاء يشكل مساسًا خطيرًا بهيبته واستقلاله، ويقوض الجهود المبذولة لتعزيز الثقة في العدالة المغربية.
و في ختام بلاغه ، جدد نادي قضاة المغرب تمسكه بالمبادئ التي تأسس عليها، مؤكدًا عزمه على الدفاع عن استقلال السلطة القضائية وفق مقتضيات الدستور والتوجيهات الملكية السامية، وكذا المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.
وتبقى هذه التصريحات مثار جدل واسع، في انتظار رد رسمي من وزارة العدل حول موقفها من هذه الانتقادات، ومدى استعدادها لإشراك القضاة في بلورة الإصلاحات التشريعية التي تهم قطاع العدالة.