مع اقتراب نهاية شهر رمضان، تتحول أرصفة وشوارع مدينة فاس إلى معارض مفتوحة لنقاشات الحناء، حيث تتخذ نسوة من الهامش هذا الموسم فرصة ذهبية لكسب لقمة العيش. وسط الأضواء الخافتة للمصابيح العمومية، تتجمع النساء والفتيات في زوايا الشوارع وأمام المحلات، وهنّ يعرضن مهاراتهن في نقش الحناء التقليدي والعصري، مستقطبات زبونات و فتيات صغيرات يبحثن عن زينة العيد.
رزق موسمي وانتظار طويل
بالنسبة لكثير من هؤلاء النقاشات، فإن هذه الفترة تمثل موسمًا ذهبيًا ينتظرنه بفارغ الصبر، حيث يشكل مدخول رمضان وأيام العيد فرصة لتعويض فترات الركود التي تعيشها بعضهن طيلة السنة.
هذا و تحمل كل واحدة منهن حقيبة مليئة بأدوات الحناء، أقماع دقيقة، وبودرة الحناء ذات الجودة المختلفة، مستعدة لتلبية طلبات الزبونات، من النقوش البسيطة إلى التصاميم المغربية والهندية المعقدة.
زبونات في سباق مع الوقت
في هذه الأيام الأخيرة من رمضان، تتدفق الفتيات والنساء على بائعات الحناء، بحثًا عن نقوش تضفي لمسة جمالية تقليدية على إطلالتهن يوم العيد. بعضهن يفضلن الحناء السوداء السريعة الزوال، بينما تختار أخريات الحناء الطبيعية ذات اللون الأحمر الداكن، والتي تحتاج إلى ساعات لتثبت وتكتسب رونقها النهائي.
معاناة في زحمة الشارع
ورغم أن هذه المهنة توفر مورد رزق لكثيرات، إلا أنها ليست سهلة. فالنقاشات يواجهن تحديات عديدة، منها مضايقات بعض أصحاب المحلات، وتدخلات السلطات المحلية التي تمنعهن من الجلوس في أماكن معينة، إضافة إلى خطر الزبائن غير الجادين أو أولئك الذين يتراجعون عن الدفع بعد انتهاء النقش.
ورغم كل المصاعب، تستمر نقاشات الحناء في التمسك بهذا الموعد السنوي، حيث لا يعتبر بالنسبة لهن مجرد عمل، بل جزءًا من الهوية الثقافية والتقاليد التي تسبق فرحة العيد، ليظل نقش الحناء تقليدًا حيًا يجمع بين الجمال، والصبر، والكفاح اليومي.