رئيس غرفة المشورة السابق بفاس الأستاذ عبد العالي بناني سميرس.. قاضٍ بصم في تاريخ القضاء المغربي بكل مهنية و نزاهة

الحقيقة 24منذ 4 ساعات
رئيس غرفة المشورة السابق بفاس الأستاذ عبد العالي بناني سميرس.. قاضٍ بصم في تاريخ القضاء المغربي بكل مهنية و نزاهة

سفيان صهران

حين تترجل بعض الأسماء عن مناصبها، لا يمر الأمر مرور الكرام. فليس كل تقاعد يعني نهاية مرحلة صامتة. هناك من يخلّفون وراءهم أثرًا لا يُمحى، ومسارًا يُكتب بأحرف من احترام وتقدير ، القاضي و الاستاذ عبد العالي بناني سميرس، الرئيس السابق لغرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بفاس و قاضي جلسات التلبس ، هو أحد هؤلاء، رجل القانون الذي جمع بين المهنية العالية، والخلق النبيل، والنزاهة التي طالما تغنّى بها زملاؤه وخصومه على حد سواء.

مسيرة من الالتزام والعطاء

منذ ولوجه سلك القضاء، عرف عن بناني سميرس حرصه الدائم على تجويد الأداء القضائي، والتزامه بأعلى درجات المسؤولية الأخلاقية والمهنية، اشتغل لسنوات داخل عدد من المحاكم، وبرز اسمه كقاضٍ متمكن من القانون، صارم في تطبيقه، لكنه إنساني في تقديره للظروف.

حين عُيّن رئيسًا لغرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بفاس، ازدادت المسؤولية، وتوسعت دائرة التحديات، لكن الرجل ظل كما هو: هادئًا في الظاهر، حاسمًا في الجوهر، لا يُجامل على حساب العدل، ولا يهادن إن تعلق الأمر بسمعة القضاء ومكانته.

كان القاضي بناني سميرس يؤمن بأن القضاء ليس فقط نصوصًا جامدة، بل رسالة نبيلة، تحتاج من يحملها أن يتحلى بالضمير الحي، والقدرة على الإصغاء، وسعة الصدر، وقد استطاع خلال سنوات عطائه أن يُسهم في ترسيخ هذه القيم في نفوس من اشتغلوا معه، أو تتلمذوا على يديه.

زملاؤه في الهيئة القضائية بفاس يشهدون له بالكفاءة والاحترام. لم يكن يومًا باحثًا عن الأضواء، ولا ممن يستهويهم التقرّب من النفوذ، بل كان وفيًّا لمبادئه، ومدافعًا شرسًا عن استقلالية القضاء في كل الظروف، حتى حين كانت الأجواء لا تسمح بذلك علنًا.

التقاعد ليس غيابًا

رحل عبد العالي بناني سميرس عن المنصب، لكنه لم يرحل عن ذاكرة المهنة ولا عن نفوس من جايلوه. لقد ترك وراءه سيرة مهنية ناصعة، وحضوره سيظل شاهدًا على حقبة من العدل الرصين في غرفة الجنايات بفاس.

وإذا كان التقاعد نهاية مرحلة إدارية، فهو بداية عهد جديد، عنوانه التكريم المعنوي والتقدير الرمزي لمن قدم عمره لخدمة العدالة، في صمت، وبضمير حي.

و مصداقا لقول رسولنا الكريم ( من لا يشكر الناس ، لا يشكر الله ) ، فشكرًا للأستاذ بناني سميرس على ما قدمه، وشكرًا لكل من يحمل شعلة النزاهة في زمن عزّ فيه الثبات .

الاخبار العاجلة