تسول الأطفال بمدينة فاس.. ظاهرة تؤرق الشارع وتختبر صمت المسؤولين , فإلى متى ؟

الحقيقة 24منذ 3 ساعات
تسول الأطفال بمدينة فاس.. ظاهرة تؤرق الشارع وتختبر صمت المسؤولين , فإلى متى ؟

فاس_الحقيقة24_

في مشهد يومي بات مألوفًا لساكنة وزوار العاصمة العلمية، تنتشر في شوارع مدينة فاس، وعلى أرصفة أهم تقاطعاتها التجارية، ظاهرة تسول الأطفال بشكل لافت وخطير، حيث يتحول الصغار إلى أدوات للشفقة، يمدّون أيديهم طلبًا للمال، أو يعرضون سلعًا بسيطة بالشارات الضوئية، في مشهد يختزل أزمات اجتماعية واقتصادية معقّدة.

فمن باب الفتوح إلى وسط المدينة الجديدة، ومن محيط الأسواق إلى جنبات المساجد، لا تكاد تخلو زاوية من طفل أو طفلة بلباس رثّ، يحملون نظرات متعبة تفترش ملامحهم الصغيرة، يطلبون درهمًا أو قطعة خبز.

منهم من يُرسل من طرف أسرته، ومنهم من يُستغل من قبل شبكات منظمة، فيما آخرون تدفعهم الحاجة والتشرد إلى هذا المسار القاسي.

تقول سيدة التقتها الحقيقة24 قرب ساحة فلورانسا: “أصادف نفس الأطفال يوميًا في نفس الأماكن، وكأنهم موظفون. الأمر أصبح مؤلمًا، خصوصًا حين ترى طفلة في الحادية عشر من عمرها تحمل رضيعًا وتتجول وسط السيارات .


و ما يُثير الاستغراب هو الغياب شبه التام لأي تدخل فعلي من طرف الجهات المسؤولة، سواء من حيث الحماية الاجتماعية، أو الإجراءات الأمنية، أو حتى التوعية المجتمعية.

فرغم وجود مؤسسات تُعنى بالطفولة، إلا أن الظاهرة في تصاعد مستمر، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول جدية السياسات العمومية في التصدي لهذه المعضلة.

خبراء اجتماعيون يؤكدون أن تسول الأطفال ليس فقط مسًّا بكرامتهم، بل تهديد مباشر لنموهم النفسي والتربوي، وتحويل مبكر لهم إلى ضحايا محتملين للاستغلال الجنسي والاقتصادي، كما أن الظاهرة تساهم في تطبيع المجتمع مع صور الفقر والهشاشة، بدل مواجهتها بالحلول.

الحل لا يكمن فقط في حملات موسمية لجمع الأطفال من الشوارع، بل في مقاربة شاملة تُشرك الفاعل الأمني، والمؤسسات الاجتماعية، والمجتمع المدني، لتوفير بدائل واقعية لهؤلاء الصغار، من تعليم، وتكوين، ورعاية أسرية، وتجفيف منابع الفقر والهشاشة.

تستمر وجوه الأطفال في التسول، ويتزايد عددهم يومًا بعد يوم، تحت مرأى الجميع، في مدينة يفترض أنها تراثية وروحية، لكن أطفالها يُربّون في الشارع، بلا سقف، بلا تعليم، بلا طفولة.

فهل ننتظر فواجع أخرى كي نتحرك؟ أم أن الطفولة في فاس أصبحت مجرد مشهد عابر لا يحرّك الضمير العام؟

الاخبار العاجلة