شهد سوق “دالاس” الواقع بمنطقة الحي الحسني صباح اليوم عملية هدم واسعة النطاق، أشرفت عليها السلطات المحلية، في إطار حملة لتحرير الملك العمومي ومحاربة البناء العشوائي. وقد شملت هذه العملية إزالة عدد كبير من المحلات التجارية والمرافق غير الرسمية التي ظلت قائمة لسنوات، مشكلة مشهدا من الفوضى العمرانية والازدحام في أحد أكثر الأحياء كثافة سكانية بالدار البيضاء.
هذا و قد أثارت لحظة هدم مسجد مؤقت داخل السوق الكثير من الجدل، بعد أن توقفت آلة “الطراكس” فجأة ورفضت الاشتغال، تزامنا مع بدء الهدم. هذا الحدث استوقف العديد من الحاضرين، الذين رأوا فيه علامة تستحق التأمل، بينما اعتبره آخرون مجرد عطل تقني لا أكثر. غير أن الرمزية القوية لهدم مكان للعبادة، ولو كان مبنى غير مرخص، جعلت من الواقعة نقطة تحول في النقاش حول توازن السلطة بين تطبيق القانون واحترام المشاعر الدينية للسكان.
وقد خلفت هذه العملية ردود فعل متباينة في أوساط الساكنة. فبينما رحب البعض بمجهودات السلطات من أجل تنظيم الفضاء العام وتحسين ظروف العيش، عبر آخرون عن استيائهم من طريقة التنفيذ، مشيرين إلى غياب البدائل المقترحة للباعة المتضررين، وكذا الطابع المفاجئ للقرار، دون تمكين المعنيين من مهلة كافية للاستعداد.
الإشكاليات المعقدة التي ترافق عملية تحرير الملك العمومي في المدن الكبرى، حيث تتقاطع الاعتبارات القانونية مع الهواجس الاجتماعية والدينية. وبين من يرى فيها ضرورة حضارية، ومن يراها ضربة قاسية للفئات الهشة، يظل التحدي الحقيقي في بلورة حلول وسطية تراعي كرامة المواطن وتؤسس لمدينة منظمة وعادلة في آن واحد.
