بينما تستعد مدينة القنيطرة لاحتضان مشروع صناعي ضخم من المرتقب أن يغير خارطة تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في إفريقيا، تستمر مدينة فاس في الانتظار، وكأنها خارج حسابات التنمية والاستثمار، مما يعمق أزمة البطالة في المدينة و يكرس التفاوت المجالي بين الأقاليم و الجهات.
فقد أعلنت شركة “غوشن باور المغرب”، الفرع المحلي للمجموعة الصينية-الأوروبية “غوشن هاي تيك”، عن إطلاق أشغال بناء أول مصنع من نوعه في إفريقيا قرب القنيطرة، باستثمار غير مسبوق يُقدر بـ 6.5 مليارات دولار، عقب توقيع اتفاقية مع الحكومة المغربية في يونيو 2024.
هذا المشروع العملاق، الذي من المنتظر أن يبدأ إنتاجه خلال الربع الثالث من سنة 2026، يهدف في مرحلته الأولى إلى بلوغ قدرة إنتاجية تصل إلى 20 غيغاواط باستثمار أولي قدره 1.3 مليار دولار، على أن تتضاعف هذه القدرة إلى 40 غيغاواط لاحقا. كما سيضم وحدات لإنتاج مكونات البطاريات، من قبيل الكاثود والأنود، مع توجيه معظم الإنتاج نحو السوق الأوروبية.
في الوقت الذي تحظى فيه القنيطرة بهذا الزخم الاستثماري والآفاق الصناعية الواعدة، تواصل فاس، العاصمة العلمية والتاريخية للمملكة، معاناتها مع التهميش، رغم إمكانياتها البشرية ومؤهلاتها المتنوعة. ويزيد من حجم المفارقة توقيع اتفاق موازٍ مع شركة “إس كي آي إي تكنولوجي” الكورية لتزويد “غوشن هاي تيك” بمواد حيوية في تصنيع البطاريات، مما يعكس البعد الاستراتيجي العميق لهذا المشروع.
فهل كُتب على فاس أن تظل خارج رادارات الاستثمارات الكبرى؟ سؤال يفرض نفسه بإلحاح في ظل تركز المشاريع الهيكلية في محاور محددة دون أخرى، رغم الشعارات المرفوعة حول العدالة المجالية.