سفيان . ص
لو كُتب لي أن أقف يومًا أمام جلالة الملك محمد السادس نصره الله، فلن أطلب امتيازًا ولا مصلحة شخصية، كل ما سأحمله بين يدي، هو صوت مدينة تُعاني في صمت، وتُحب في صمت، اسمها فاس.
فاس، العاصمة الروحية، الحاضرة الادريسية ، تختنق اليوم تحت أنقاض اللامبالاة وسوء التدبير. شوارعها مهترئة، حدائقها شبه منقرضة، أحياؤها تعاني التهميش، وأصوات سكانها لا تجد من يصغي لها داخل المجالس المنتخبة.
مجلسها الجماعي، برئاسة من اختارته صناديق الاقتراع، أصبح اليوم عنوانًا للعجز، ومصدرًا للخيبة. يبيع الوهم في الحملات الترويجية، ويتقن لغة التجميل في البلاغات، لكنه غائب حين يتعلق الأمر بالواقع والمعاناة اليومية. حتى الفضاءات الخضراء، وهي أبسط حقوق المواطنين، صارت حلمًا في مدينة كانت يومًا رمزًا للتوازن الحضري والهوية المغربية الأصيلة.
الناس في فاس لا يطلبون المستحيل، هم فقط يريدون حقهم في مدينة نظيفة، منظمة، عادلة في فرصها، منصفة في توزيع مشاريعها، ومتواصلة مع ساكنتها.
لكنهم، بكل مرارة، يرون مدينتهم تُقصى من برامج التنمية، وتُدار بعقلية الارتجال والمحاباة.
نعم، لو التقيت جلالة الملك، لقلت له:
“مولاي صاحب الجلالة ، نحن لا نطلب سوى أن تستعيد فاس موقعها الطبيعي في خارطة التنمية، وأن تخرج من الحصار و عزلتها المفروضة بتدبير محلي عقيم، وأن تحظى بمن يُحبها بالفعل لا بالشعارات، ويخدمها بالكفاءة لا بالمصالح.”
ففاس، يا مولاي، لا تزال مدينة ولّادة، فيها الكفاءات والطاقات والأمل… لكنها تحتاج إلى من يمنحها الفرصة، ويعيد إليها ما سُلب منها باسم الديمقراطية الشكلية، والتمثيلية الفارغة.
مولاي صاحب الجلالة ،
أعرف أنكم لا ترضو بالظلم ولا بالتهاون، وأعلم أن توجيهاتكم السامية دائمًا ما تضع المواطن في قلب السياسات العمومية، لذلك أطلب فقط أن تنظروا لفاس كما تنظروا لمدن أخرى انتعشت بإرادتكم ، و أن تُرسلوا من يستمع إلى أنين هذه المدينة، ويحاسب من خان ثقتها، ويدق أبواب الإصلاح الحقيقي، لا المزيّف.