تعيش مدينة فاس، منذ اشهر، دينامية عمرانية من المفترض أن تسير في اتجاه تحسين جودة الحياة وتطوير البنية التحتية للعاصمة العلمية ، غير أن واقع العديد من الأشغال، التي تشرف عليها وكالة فاس للتنمية الحضرية “FES AMENAGEMENT”، يثير أكثر من تساؤل، ويضع أداء الوكالة ومديرها السيد هشام القرطاسي أمام انتقادات مهنية متزايدة.
هذا ، و يتحدث فاعلون جمعويون ومهنيون عن تكرار أشغال الصيانة في نفس الشوارع ، في ظرف زمني وجيز، ما يعكس ضعف الجودة والرقابة على الأشغال المنجزة.
شوارع يتم تزفيتها لتعاد أشغال الحفر فيها بعد أسابيع، أرصفة تُتبث ثم تُزال، مشاريع بلا رؤية واضحة تتناسل وسط تساؤل ساكنة فاس:
هل يتم تدبير ميزانية المدينة بمهنية، أم أن الأمر لا يعدو كونه تدبيرًا مرتجلاً ومُكلفًا؟
الملاحظ، حسب ما عاينته الحقيقة24 وشهادات المواطنين، أن العديد من المشاريع تفتقر للدقة في التخطيط وتخضع لمنطق السرعة عوض الجودة، مع تسجيل غياب شبه تام للجان تقنية فاعلة تتبع وتراقب مدى احترام المقاولات لدفاتر التحملات.
و ما يضاعف حجم الانتقادات هو أن عدداً من الشركات المنفذة للمشاريع تتكرر أسماؤها في مختلف أوراش المدينة، ما يثير شكوكا حول طرق منح الصفقات ومدى احترامها لمبدأ التنافسية. كما تُطرح تساؤلات حول الأسباب التي تجعل من مشاريع كلفت ملايين الدراهم تنهار أو تظهر عيوبها بسرعة، في وقت تعاني فيه أحياء بكاملها من الإقصاء التنموي.
هذه الاختلالات تُحمّل مسؤوليتها بدرجة أولى لوكالة “فاس أميناجمون”، التي من المفروض أن تلعب دور الموجه والمراقب والمشرف الصارم، لكنها غيّبت المقاربة التشاركية، وأطلقت أوراشًا أُنجزت بشكل تقني هزيل.
و في ظل كل هذه المعطيات، يبرز سؤال جوهري:
من يُحاسب؟ و من يتحمل المسؤولية ؟
هل يُعفى المدير من المسؤولية وهو على رأس الوكالة التي تموّل من المال العام؟ وهل يُعقل أن تستمر مدينة بحجم فاس في دورة من الإصلاح ثم الهدم ثم الإصلاح مرة أخرى، دون تقييم حقيقي للأثر أو تدقيق للميزانيات؟
إن استمرار هذه المنهجية يضعف ثقة المواطن في المؤسسات، ويمس بمصداقية المشاريع التنموية. لذلك بات من الضروري:
- فتح تحقيق إداري ومالي مستقل في جميع صفقات الأشغال الكبرى التي أنجزتها أو أشرفت عليها وكالة فاس التنمية .
- تفعيل المراقبة الخارجية عبر المجلس الأعلى للحسابات.
- دعوة السلطات المنتخبة والوصية لتحمل مسؤولياتها في ضبط وتتبع ما يجري.
إن مدينة فاس، بتاريخها ومكانتها، لا يمكن أن تكون حقل تجارب لمشاريع عشوائية. التنمية لا تتحقق بالإعلانات الرسمية والتصريحات الرنانة، بل بمراقبة دقيقة، ومهنية حقيقية، وربط واضح بين المسؤولية والمحاسبة.