في خطوة تثير الكثير من الجدل والتساؤلات، واصلت سلطات مقاطعة أكدال بمدينة فاس حملتها المتواصلة ضد عدد من مقاهي الشيشا، حيث أصدرت في الآونة الأخيرة قرارات إغلاق بالجملة، مستندة إلى خروقات قانونية تتعلق بعدم احترام الرخص أو استغلال نشاط “الشيشا” في فضاءات غير مرخص لها.
اللافت في هذا الملف، أن قرارات الإغلاق لم تشمل سوى تراب مقاطعة أكدال بفاس ، في وقت تعج فيه مقاطعات أخرى تابعة للنفوذ الترابي للمدينة بنفس النوع من المقاهي، بل وأحيانًا في ظروف أكثر فوضى وخروجًا عن الضوابط القانونية. الأمر الذي جعل عدداً من المهتمين بالشأن المحلي، والمتابعين للملف، يطرحون تساؤلات مشروعة:
لماذا تُنفّذ هذه الإجراءات فقط في أكدال؟ وأين هي المقاربة الشمولية لتطبيق القانون على الجميع دون استثناء؟
هل الأمر يتعلق بجدية سلطات مقاطعة أكدال في تنفيذ التوجيهات وفرض سيادة القانون، بينما تتراخى باقي المقاطعات في ذلك؟
أم أن وراء هذا التحرك الانتقائي مخططاً غير معلن، تحركه حسابات شخصية أو تصفية حسابات سياسية أو حتى “حرب مصالح” بين شبكات النفوذ؟
مصادر الحقيقة24 لم تستبعد فرضية أن يكون بعض رؤساء المقاطعات أو أعوان السلطة في مناطق أخرى متواطئين أو مستفيدين بشكل مباشر أو غير مباشر من ريع هذه المقاهي، مما يجعلهم يغضون الطرف عن المخالفات الصارخة.
في المقابل، يرى البعض أن سلطات أكدال تشتغل في صمت ووفق ضوابط قانونية، وتستحق التنويه، إذا ما تبين أن قراراتها قائمة على تقارير موضوعية ومعاينات قانونية، شريطة أن لا تتحول هذه الحملة إلى سيف موجه فقط للبعض دون البعض الآخر.
ولأن رائحة الشيشا أصبحت تخنق الشارع العام أكثر مما تعبّق الأركان، بات ضرورياً أن يتحرك والي الجهة وعمالة فاس لتوحيد الجهود بين مختلف المقاطعات، وإنهاء “الانتقائية” في التعامل مع هذا الملف، الذي لا يقل خطورة عن باقي مظاهر الانحراف الحضري والاجتماعي.
فالقانون لا يُطبق فقط في بقعة جغرافية دون غيرها، والعدالة المجالية تبدأ من عدالة القرار.