في الوقت الذي يفترض فيه أن تندرج محلات “المساج” ضمن الأنشطة ذات الطابع العلاجي أو الترفيهي الخاضعة للمراقبة القانونية والصحية، تسير الأمور في منحى مقلق بمدينة فاس، حيث تكاثرت في الآونة الأخيرة محلات تحمل لافتات “مركز تدليك”، لكنها في الواقع تُمارِس أنشطة لا علاقة لها لا بالصحة ولا بالراحة النفسية.
فاس، المدينة التي تختزن في أزقتها عبق التاريخ ووقار الحاضرة العلمية، أصبحت اليوم أمام تحدٍ أخلاقي خطير يتمثل في انتشار ما يُعرف بـ”محلات المساج المشبوهة”، التي تحوّلت في نظر العديد من المواطنين إلى أوكار مقنّعة للدعارة والاستغلال الجنسي، بل وأحيانًا إلى نقاط انطلاق لشبكات منظمة تُتاجر في الجسد تحت غطاء “خدمات الراحة”.
ورغم المجهودات التي تبذلها بعض الأجهزة الأمنية على فترات، إلا أن غياب الرقابة الدائمة من السلطات المحلية ، والتساهل في منح التراخيص، وافتقار بعضها لشروط السلامة الصحية والقانونية، جعل من هذه المحلات تربة خصبة لممارسات تهدد النظام العام وتُسيء لسمعة المدينة.
ووفق معطيات حصلت عليها “الحقيقة 24″، فإن عددًا من المحلات التي تدعي تقديم خدمات المساج والتدليك، لا تتوفر على أطر مؤهلة، ولا شهادات طبية، ولا ترخيص من وزارة الصحة، في الوقت الذي تتحول فيه إلى فضاءات مغلقة تُستغل لأغراض لا يجهلها المواطن، بل وأضحت محجًا لعدد من الباحثين عن “اللذة السريعة”.
الغريب في الأمر، أن هذه المحلات تنشط أحيانًا على بعد أمتار قليلة من مقرات إدارية وأمنية، ما يطرح أكثر من سؤال حول دور السلطات المحلية واللجان المختلطة في مراقبة هذه الأنشطة، خصوصًا وأن القانون المغربي يجرّم كل استغلال للمراكز ذات الطابع العلاجي لأغراض جنسية أو تجارية غير مرخصة.
اليوم، وأمام هذا الواقع المتفاقم، يتجدد النداء إلى السلطات الوصية بشن حملة شرسة ومنظمة لاجتثاث هذه الظاهرة من جذورها، حماية للأخلاق العامة، وحفاظًا على الأمن المجتمعي، وردًّا للاعتبار لمدينةٍ لا تليق بها هذه الصور المشينة.
فهل تتحرك الجهات المعنية، أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف؟