على بعد أشهر قليلة من انطلاق منافسات كأس أمم إفريقيا، التي تستعد مدينة فاس لاحتضان جزء من مبارياتها الدولية، تلوح في الأفق مشكلة بيئية حادة باتت تؤرق الساكنة المحلية وتقلق المهتمين بالشأن البيئي والرياضي على حد سواء. الأمر يتعلق بمطرح النفايات المتواجد على مستوى جماعة عبن البيضا بطريق سيدي احرازم، والذي تحول مع مرور الوقت إلى مصدر لانبعاث روائح كريهة وغازات ضارة، تُزكم أنوف السكان وتشوّه المشهد الحضري للعاصمة العلمية.
مع ارتفاع درجات الحرارة التي تعرفها مدينة فاس هذه الأيام ، تتضاعف حدة الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح، لتصل إلى أحياء بعيدة نسبيا مثل حي النرجس وطريق صفرو. ولم تسلم حتى المرافق الحساسة من تأثيرها، حيث يشتكي مسؤولون قضائيون بقصر العدالة بفاس، وأطباء وممرضون بالمركب الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني، وطلبة وأساتذة بكلية الطب والصيدلة، من تردي جودة الهواء وصعوبة القيام بالعمل أو الدراسة في ظل هذه الظروف.
فاس، التي تراهن على احتضان تظاهرات رياضية وثقافية كبرى لإبراز تاريخها وإشعاعها الحضاري، قد تجد نفسها في موقف محرج إذا ما بقيت هذه “النقطة السوداء” قائمة خلال كأس أمم إفريقيا. فإلى جانب آلاف المشجعين الذين سيتوافدون من مختلف البلدان، ستكون المدينة تحت عدسات وسائل إعلام دولية قد لا تتردد في تسليط الضوء على المشاكل البيئية التي تعانيها.
مصادر من داخل المجلس الجماعي تشير إلى وجود مشروع بديل لنقل مطرح النفايات إلى موقع جديد بعيد عن المناطق السكنية، غير أن هذا المشروع ما زال يراوح مكانه منذ سنوات، وسط حديث عن عراقيل مرتبطة بالتمويل والوعاء العقاري المناسب. وفي الوقت الذي تدعو فيه فعاليات مدنية وبيئية إلى التعجيل بتنفيذ المشروع، تؤكد هذه الأخيرة أن أي تأخير إضافي سيزيد من كلفة الحل ويعقّد الوضع الصحي والبيئي.
هذا ، فإن خبراء البيئة يحذرون من المخاطر الصحية الناجمة عن استمرار الوضع الحالي، حيث تؤدي انبعاثات الغازات والروائح إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي والحساسية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن. كما يشكل تسرب عصارة النفايات تهديدًا للمياه الجوفية والغطاء النباتي المحيط بالموقع.
و مع اقتراب موعد التظاهرة الرياضية القارية، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل سيتحرك المجلس الجماعي لإيجاد حل عاجل ودائم لهذه المعضلة البيئية؟ أم أن المدينة ستجد نفسها أمام إحراج دولي قد يضر بسمعتها السياحية والرياضية؟
الوقت يمر بسرعة، وضغط الاستحقاق الرياضي المقبل يجعل من الضروري اتخاذ قرارات حاسمة وفورية، حتى تتمكن فاس من تقديم أفضل صورة ممكنة لزوارها وضيوفها من مختلف أنحاء العالم.