في وقت تتسابق فيه كبريات الشركات العالمية لتطوير استراتيجيات تسويقية مسؤولة، تحترم ذكاء المستهلك وثقافة المجتمع، اختارت شركة الاتصالات المغربية “إنوي” أن تسير في الاتجاه المعاكس.
خطوة مثيرة للجدل، تمثلت في نشر محتوى إعلاني غير أخلاقي على منصاتها الرقمية، أنتج باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فجرت غضبا واسعا وأثارت تساؤلات جدية حول وعي الإدارة بثوابت الأمة وصورة المؤسسة التي تمثلها.
الإعلان، الذي وصف من قبل عدد من المتابعين بأنه ذو طابع إباحي، كشف عن هشاشة واضحة في منظومة المراقبة الداخلية للشركة و خاصة مدراء التواصل و المكلفين بالترويج لخدمات شركة inwi، وعن غياب معايير أخلاقية تحكم عملية إنتاج المحتوى الإعلاني.
و هكذا، بدلا من الاستثمار في حملات دعائية مبتكرة وذات قيمة مضافة، لجأ مسؤولو “إنوي” إلى خيار منخفض التكلفة، معتمدين على أدوات الذكاء الاصطناعي دون تمحيص أو تدقيق، في ما يبدو أنه سياسة تقشفية موجهة لتضخيم أرباح آنية على حساب السمعة والمصداقية، فالمهم أن يتلقى المسؤولون رواتب سمينة مادام الذكاء الاصطناعي في نظرهم يكفي للترويج للشركة.
هذه المقاربة السطحية لمدراء إنوي في التعامل مع صورة العلامة التجارية لا تليق بشركة بهذا الحجم، خاصة وأنها تندرج ضمن مؤسسة قابضة ذات رمزية وطنية عالية.
ورغم مسارعة الشركة إلى حذف الإعلان بعد تصاعد موجة الغضب، فإن الضرر المعنوي قد ألقى بظلاله، في زمن الرقمنة، حيث تنتشر الصور والفيديوهات كالنار في الهشيم، لا يكفي الحذف لطمس أثر الفعل، فالذاكرة الرقمية لا ترحم، وأصداء الأزمة ما زالت تتردد في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة الوطنية.
و اعتبر عدد من النشطاء أن ما قامت به شركة إنوي ليس مجرد خطأ فردي أو زلة عابرة، بل مؤشر على خلل أعمق في الثقافة المؤسسية للشركة، وعلى انفصال إدارتها عن نبض المجتمع المغربي وحساسيته تجاه القيم والرموز الوطنية.
ذات الآراء أكدت أنه إذا لم تراجع “إنوي” استراتيجيتها التسويقية بشكل عاجل، فإنها تخاطر ليس فقط بخسارة ثقة عملائها، بل أيضا بالإضرار بصورة المشروع الاقتصادي الوطني الذي تمثله.