في سابقة خطيرة، غابت ردود الفعل الدولية عن محاكمة الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي أدانته محكمة جزائرية بالسجن خمس سنوات نافذة بتهم تتعلق بـ”المساس بالوحدة الترابية”، في واحدة من أكثر القضايا غموضًا وضبابية في المشهد الحقوقي المغاربي و الدولي .
الكاتب المعروف بمواقفه النقدية تجاه السلطة الجزائرية لم ينجُ هذه المرة من قبضة التضييق، إذ تم توقيفه ومحاكمته في ظرف وجيز، وسط صمت لافت من الصحافة الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية، التي ما فتئت تعلّي من شأن حرية التعبير، لكنها هذه المرة آثرت الصمت أو تجاهل القضية.
فالمفارقة الصارخة التي تثيرها هذه الواقعة، لا تتعلق فقط بخنق صوت مثقف مستقل، بل تكشف عن ازدواجية مقلقة في المعايير الدولية. فلو أن المغرب أو أي دولة أخرى أقدمت على خطوة مماثلة، لانهالت الإدانات الدولية من أمنيستي و Human right watch و المنظمات غير الحكومية (ONG) ، ولاشتعلت الصفحات الأولى للصحف الدولية بالتحليلات والاتهامات، ولسُلط الضوء على “تراجع الحريات” من جمعيات حقوق الانسان الوطنية و الدولية و ضغط البرلمان الأوربي و المحكمة الافريقية لحقوق الإنسان .
لكن في الحالة الجزائرية، تُغطى هذه الانتهاكات بلغة هادئة أو تُدفن ببساطة تحت ركام التجاهل، لأسباب سياسية ومصالح دبلوماسية واقتصادية، في مشهد لا يليق بمجتمع دولي يُفترض أنه يناضل من أجل حرية الكلمة.
بوعلام صنصال ليس مجرمًا، بل مفكر وناقد، وهكذا يجب أن يُعامل، والسكوت عن قضيته هو مشاركة ضمنية في محاكمته من الصحافة الدولية و الجمعيات الحقوقية ، بل إدانة لكل شعار يُرفع دفاعًا عن حرية التعبير، إن لم يكن نابعًا من مبدأ ثابت لا يتغير بتغير الموقع أو النظام السياسي.
إن ما وقع لصنصال هو ناقوس خطر يُنذر بانزلاقات أخطر في الجزائر، وسط أجواء متوترة تتسم بتكميم الأفواه وملاحقة النشطاء والمثقفين. وهو ما يستدعي تحركًا حقوقيًا وإعلاميًا شجاعًا لكسر جدار الصمت، ليس فقط إنصافًا للكاتب، بل دفاعًا عن أحد أعمدة المجتمعات الديمقراطية: حرية التعبير دون خوف أو تكميم.