تعيش مدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة وأحد أعرق مراكزها الحضارية، حالة ركود اقتصادي واضح خلال فصل الصيف، انعكست على الحركة التجارية والأنشطة السياحية، في وقت كان يُنتظر أن تتحول فيه المدينة إلى وجهة نابضة بالحياة بفضل مقوماتها التاريخية والثقافية.
ورغم أن فاس تتوفر على إرث حضاري استثنائي، مدرج ضمن التراث العالمي لليونسكو، إلا أن الواقع يكشف عن تراجع جاذبية المدينة مقارنة بمدن أخرى استطاعت أن تستقطب آلاف السياح في موسم الاصطياف.
هذا الوضع ألقى بظلاله على تجار المدينة العتيقة، وأرباب المطاعم، ومهنيوا القطاع السياحي، الذين يؤكدون أن الحركة تعرف هذا الصيف تراجعًا غير مسبوق.
هذا و يرجع بعض المتتبعين هذا الكساد إلى غياب رؤية واضحة في التسويق السياحي، وضعف البنية التحتية الترفيهية التي تجعل المدينة أقل قدرة على استقطاب العائلات والشباب الباحثين عن فضاءات للترفيه والأنشطة الصيفية. كما أن محدودية العروض الثقافية والفنية خلال هذه الفترة تساهم بدورها في هذا الركود.
و في مواجهة هذا الوضع، تتعالى أصوات المهنيين والفاعلين الاقتصاديين مطالبةً المسؤولين المحليين والجهويين بضرورة إعادة الاعتبار لمدينة فاس من خلال:
- إعداد برامج ترفيهية وثقافية خلال موسم الصيف.
- الاستثمار في الفضاءات السياحية والمرافق العائلية.
- تفعيل حملات ترويجية قوية لتعزيز صورة فاس كوجهة سياحية متكاملة.
- دعم المبادرات الخاصة التي تهدف إلى تنشيط المدينة وجعلها أكثر جاذبية.
و لا يختلف اثنان على أن فاس تمتلك كل المقومات التي تجعلها عاصمة سياحية وثقافية عالمية، بما تحمله من تاريخ، عمق حضاري، وحرف تقليدية فريدة. غير أن هذه الثروة الرمزية لا تكفي وحدها لاستقطاب الزوار، ما لم تُدعّم بسياسات تنشيطية حديثة، تراعي متطلبات السياحة العائلية والترفيهية المعاصرة.
إن الركود الذي تعرفه فاس في فصل الصيف لا يجب أن يُقرأ فقط كأزمة ظرفية، بل كجرس إنذار يستوجب تدخلًا عاجلًا من مختلف المتدخلين، لإعادة الحياة لمدينة تُعتبر قلب التراث المغربي، وتحويلها إلى وجهة سياحية نابضة بالحركة، بدل أن تبقى مجرد محطة عابرة في خريطة السياحة الوطنية.