تشيد وزارة العدل باستكمال المسار الذي أفضى إلى الاعتماد النهائي للقانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025. ويمثل هذا الحدث محطة تاريخية تجسد الإرادة السياسية القوية للمملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من أجل ترسيخ دولة الحق والقانون وتحديث منظومة العدالة بما يواكب التحولات العميقة التي تشهدها البلاد.
ويأتي هذا الإصلاح الجوهري استجابةً للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطب جلالته، الداعية إلى تحديث السياسة الجنائية وضمان عدالة ناجعة وفعالة، وترجمةً لروح دستور 2011 الذي جعل من حماية الحقوق والحريات الأساسية مرتكزاً لبناء المغرب الديمقراطي الحداثي.
ويرسّخ القانون الجديد قفزة نوعية في تكريس ضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز الثقة في العدالة، من خلال:
تحصين حقوق الدفاع وتكريس قرينة البراءة وضمان الحق في محاكمة داخل أجل معقول، مع توسيع الاستفادة من المساعدة القانونية.
تعزيز الضمانات المتعلقة بالحراسة النظرية، بإلزامية إخبار المشتبه فيه بحقوقه، وتمكينه من الاتصال بمحام والاستفادة من خدمات الترجمة عند الحاجة.
الحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي وحصره في أضيق الحالات، مع إلزامية تعليل قرارات الإيداع بالسجن وتفعيل بدائل احترازية حديثة.
تمكين الضحايا من حقوق موسَّعة، تشمل الإشعار بمآل الدعوى، والدعم القانوني والاجتماعي، مع تدابير خاصة لفائدة النساء والأطفال ضحايا العنف.
إحداث مرصد وطني للإجرام كآلية علمية لتوجيه السياسة الجنائية على أسس دقيقة ومعطيات موثوقة.
وبهذه المناسبة، صرّح وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي قائلاً:
“إن هذا القانون يشكّل ركيزة أساسية في البناء الإصلاحي الكبير الذي تعرفه بلادنا، ويعكس ثقة الدولة في مؤسساتها وقدرتها على تنزيل إصلاحات كبرى تجعل من العدالة المغربية نموذجاً يحتذى إقليمياً ودولياً، وترسّخ الاختيار الثابت للمغرب في بناء دولة الحق والقانون ودعم مسار الديمقراطية والتنمية المستدامة.”
وأضاف السيد الوزير:
“إن الحكومة الحالية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية، عازمة على جعل ورش إصلاح العدالة رافعة أساسية لنجاح الاستحقاقات الوطنية المقبلة، وفي مقدمتها احتضان المملكة لكأس العالم 2030، حيث يشكل تحديث المنظومة القضائية وضمان أمن قضائي حديث عاملاً حاسماً لتعزيز جاذبية المغرب الدولية وترسيخ مكانته كدولة مؤسسات وقانون.”
ويُعتبر اعتماد هذا النص لبنة مركزية في ورش إصلاح منظومة العدالة، إلى جانب مراجعة القانون الجنائي وقوانين المهن القضائية، وتسريع وتيرة التحول الرقمي داخل المحاكم. هذا الورش الوازن، الذي قادته وزارة العدل بثبات حتى استكماله، يعزز مكانة المغرب كبلد رائد في تحديث العدالة، ويواكب طموحات النموذج التنموي الجديد ورؤية المملكة لمغرب 2030.