في مشهد غير مسبوق، خرجت ساكنة إقليم تاونات إلى الشارع أمام مقر العمالة، مطالبة بإعفاء عامل الإقليم صالح دحا من منصبه، بعد ما وصفوه بـ”تراكم الإخفاقات في تدبير الملفات التنموية والاجتماعية”.
هذه الوقفة الاحتجاجية، التي رُفعت خلالها شعارات قوية ومزلزلة، تعكس حجم الاحتقان الذي يعيشه الإقليم منذ سنوات.
المحتجون اعتبروا أن العامل أخفق في إيجاد حلول ناجعة للملفات الكبرى التي تؤرق الساكنة، من قبيل ضعف البنيات التحتية، هشاشة الخدمات الصحية، تعثر مشاريع فك العزلة عن القرى النائية، إضافة إلى غياب استراتيجيات فعالة لدعم الاستثمار وتشغيل الشباب و ربط بعض الاقاليم بالماء الشروب و غيرها من الملفات .
هذه الاختلالات المتراكمة جعلت ساكنة الإقليم تشعر بالتهميش والإقصاء مقارنة بأقاليم مجاورة شهدت دينامية تنموية واضحة.
إن تاونات، بما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية وفلاحية ، كان من المفروض أن تتحول إلى قطب تنموي بارز بالجهة. غير أن ضعف الحكامة الترابية، وسوء تنزيل البرامج التنموية، حالا دون استغلال هذه الإمكانيات. وهو ما غذّى شعورًا عامًا لدى الساكنة بأن هناك غيابًا للعدالة المجالية، وأن منطقتهم خارج رادار السياسات العمومية.
الوقفة الاحتجاجية أمام مقر العمالة لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل رسالة سياسية واجتماعية موجهة إلى المركز، مفادها أن ساكنة الإقليم فقدت الثقة في المسؤول الترابي، وتطالب بتغيير يفتح آفاقًا جديدة للإصلاح.
فمن الناحية الرمزية، الاصطفاف أمام مقر المؤسسة الممثلة للدولة هو محاولة لطرق باب القرار المركزي من أجل التدخل وإنقاذ الإقليم من حالة الجمود.
و رغم تحميل العامل النصيب الأكبر من المسؤولية، إلا أن جزءًا من الإشكال يرتبط كذلك بضعف الإمكانيات المرصودة للإقليم مقارنة باتساع مساحته وتعقيد أوضاعه الاجتماعية، غير أن الساكنة ترى أن التدبير الكفء والجرأة في اتخاذ المبادرات قادران على تجاوز جزء كبير من هذه الصعوبات.
الاحتجاجات الأخيرة قد تشكل منعطفًا مهمًا في علاقة الساكنة بمؤسسة العمالة، وقد تدفع السلطات المركزية إلى تقييم أداء المسؤول الترابي. غير أن الرهان الأكبر يبقى هو إعادة الثقة عبر برامج ملموسة تستجيب لحاجيات الساكنة، وتضع تاونات في قلب مشاريع التنمية الجهوية والوطنية.