تعيش مدينة فاس، ومعها عدد من المدن المغربية، على وقع ترقب لحملة قد تطال محلات الشيشا الإلكترونية و مستلزماتها ، وذلك في وقت ما تزال فيه الحملات الأمنية والإدارية مستمرة منذ سنوات ضد مقاهي الشيشا التقليدية.
القانون المغربي واضح في منع تداول وتقديم التبغ والمعسل دون ترخيص، إذ يخضع قطاع التبغ برمته لرقابة صارمة بموجب القانون رقم 46.02 المتعلق بنظام التبغ. ويمنح هذا القانون للدولة وحدها حق الترخيص والتوزيع، مع تحميل السلطات المحلية مسؤولية مراقبة مدى التزام المحلات بالشروط الصحية والتنظيمية.
لكن الإشكال المطروح هو ان محلات الشيشا تعتبر في دول الخليج والشرق الأوسط وأوروبا منتشرة ومرخصة، وتُعامل شأنها شأن باقي المقاهي والمطاعم. هذا التباين يطرح تساؤلات لدى المهنيين والزبناء على حد سواء حول جدوى استمرار مقاربة المنع، بدل تنظيم القطاع وتقنينه.
فإذا كان الهدف المعلن للحملات هو حماية الصحة العامة ومحاربة التهريب والتبغ غير المصرح به، فإن الواقع يكشف عن ضحايا صامتين، عشرات العمال والعاملات الذين يجدون أنفسهم في الشارع كلما أُغلق مقهى، دون بدائل واضحة أو تعويضات حسب ما استقته الحقيقة24 .
هؤلاء يشكلون الفئة الأكثر هشاشة، إذ يعيلون أسرًا تعتمد كليًا على هذه المداخيل .
ويؤكد مهنيون في هذا القطاع، أن السلطات بدلًا من تبني مقاربة المنع الكلي، مطالبة بفتح حوار حول تنظيم القطاع عبر دفتر تحملات صارم، يراعي شروط الصحة والسلامة ، وفي الوقت نفسه يحفظ آلاف مناصب الشغل و يدر على الدولة مداخيل بالملايين .
هذا ، و لا يمكن فصل هذه الحملة عن سياقها الزمني؛ فالمغرب مقبل على احتضان تظاهرات كبرى مثل كأس إفريقيا للأمم، وهو ما يدفع المصالح الامنية و السلطات المحلية إلى الحرص على تقديم صورة إيجابية للمدن، خاصة تلك ذات الجاذبية السياحية. غير أن تحسين الصورة لا ينبغي أن يتم على حساب قوت يومي لشرائح واسعة من المواطنين يعيشون بين مطرقة الفقر و سندان الكرامة (ما يمكنش يخرجو يسعاو ) .
إن أي مقاربة لحل هذا الملف ينبغي أن توازن بين ضرورة تطبيق القانون وحماية الصحة العامة من جهة، وضمان حق الشغل وحماية الأسر من التشريد من جهة أخرى ، فالمطلوب ليس فقط إغلاق المقاهي المخالفة، بل التفكير في بدائل قانونية وتنظيمية تحفظ كرامة العاملين وتضمن استمرارية النشاط الاقتصادي ضمن ضوابط واضحة.