من يقرأ مقال محمد شوكي الأخير، يظن لوهلة أنه أمام وثيقة دعائية أكثر مما هو نص سياسي أو تحليلي. فالمنسق الجهوي لحزب الأحرار بجهة فاس مكناس لم يأتي بجديد في مقاله، بل فقط حاول رسم صورة وردية عن رئيس حكومة يعرف كل المغاربة شبابا وشيوخا أنها لا تمتّ إلى الواقع بصلة.
إن محاولة شوكي تحويل أخنوش إلى “رمز للإنصاف” تكشف عن أزمة أعمق من مجرد الدفاع الحزبي؛ إنها أزمة رؤية لدى النخبة السياسية التي ما زالت تظن أن الخطاب الإنشائي يمكن أن يغطي على فشل التدبير العمومي. فجيل اليوم، جيل Z الذي خرج إلى الشوارع، لا يحتاج من يشرح له واقع التعليم المنهار أو المستشفيات المتهالكة أو الأسعار التي تلهب جيوب الناس. إنه جيل يعيش الأزمة كل يوم، يعرف من يستفيد من الفساد ومن يغتني على أنقاض أزمات المغاربة ومن يكمّم الأفواه.
يتحدث شوكي عن إرادة صادقة لدى عزيز أخنوش، وكأن المغاربة لا يرون بأعينهم ما يجري : الاحتكار، تضارب المصالح، غلاء المعيشة، غياب التواصل، وقرارات ارتجالية جعلت الفئات الضعيفة تدفع ثمن السياسات الاقتصادية الفاشلة. أي إنصاف يتحدث عنه الكاتب ورئيس الحكومة لم يفتح حوارا حقيقيا مع الشعب إلا بعد أن صرخ الشارع بصوت واحد ؟ أي عدالة اجتماعية يتغنّى بها وأخنوش قدمت دعما دسما للمصحات الخاصة.
ثم إن دفاع شوكي المستميت عن رئيسه لا يمكن فصله عن موقعه الشخصي كبرلماني ومنسق جهوي. فالرجل الذي يُفترض أن يكون صوت جهة فاس مكناس في البرلمان، لم يُقدّم إلى الجهة أي إضافة تُذكر. إن غيابه عن النقاش الجهوي الحقيقي يجعل من حديثه عن الإنصاف مجرّد شعار فارغ. فالبرلماني القوي لا يُقاس بولائه الحزبي، بل بقدرته على الدفاع عن قضايا المواطنين.
لقد حاول شوكي في مقاله أن يجعل من أخنوش ضحية للظلم السياسي والإعلامي، غير أن المغاربة لم يعودوا بحاجة لمن يوجّه وعيهم. فالتجربة اليومية هي أقوى دليل : فواتير الماء والكهرباء، أسعار المحروقات، البطالة، وتدهور الخدمات العمومية، كلها شواهد حيّة على أن ما يُسوّق له الحزب ليس سوى غطاءا لغضب شعبي متصاعد.
في الختام، يمكن القول إن من يُنصِف الوطن اليوم ليس من يمدح رئيسه، بل من يمتلك الجرأة لقول الحقيقة : المغرب يحتاج إلى مسؤولين يخدمون الشعب، لا إلى سياسيين يبحثون عن تبرير فشلهم بخطابات التقديس. جيل Z الذي خرج إلى الشارع قال كلمته، لا عن حقد أو مؤامرة، بل عن وعي ورفض لواقع لم يعد يحتمل.