في واقعة مؤسفة هزت مجددًا الوسط التربوي بالعاصمة العلمية فاس، تعرضت مديرة إعدادية الزهور بمقاطعة سايس، يوم امس الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، لاعتداء جسدي من طرف ولي أمر أحد التلاميذ، وذلك بعدما تم ضبط ابنه متلبسًا بحيازة وسائل غير تربوية داخل المؤسسة التعليمية.
وحسب مصادر تربوية، فإن المديرة كانت بصدد اتخاذ الإجراءات الإدارية والتربوية المعمول بها في مثل هذه الحالات، قبل أن يفاجئها الأب باقتحام المؤسسة في حالة هيجان، ويوجه لها عبارات نابية، ثم يعتدي عليها جسديًا أمام مرأى عدد من الأطر الإدارية والتلاميذ، ما خلف حالة من الصدمة داخل المؤسسة.
وقد تم نقل المديرة على وجه السرعة إلى المركب الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، قبل أن تُحوَّل لاحقًا إلى إحدى المصحات الخاصة قصد تلقي العلاجات الضرورية بعد إصابتها بجروح وصفت بالمتوسطة.
وفور علمه بالحادث، انتقل المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بفاس إلى جانب رؤساء المصالح بالمديرية وعدد من أعضاء جمعية مديرات ومديري المؤسسات التعليمية ومجموعة من الأطر التربوية، إلى المصحة لمؤازرة المديرة والاطمئنان على حالتها الصحية، مؤكدين دعمهم الكامل لها واستنكارهم الشديد لهذا السلوك غير المقبول.
من جهتها، تدخلت المصالح الأمنية بسرعة، حيث تم توقيف ولي الأمر المعتدي، الذي وُضع تحت تدبير الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة، في انتظار تقديمه أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بفاس من أجل المنسوب إليه.
هذه الحادثة المؤلمة أعادت إلى الواجهة النقاش حول تزايد حالات العنف ضد الأطر التربوية، والتي أصبحت تشكل خطرًا حقيقيًا على السير العادي للمؤسسات التعليمية، وتهدد هيبة رجال ونساء التعليم الذين يؤدون رسالتهم في ظروف صعبة.
وطالب العديد من الفاعلين التربويين والجمعويين بضرورة تفعيل المقتضيات القانونية التي تجرم الاعتداء على موظفي الدولة أثناء أداء مهامهم، وتوفير حماية أكبر للعاملين بالمؤسسات التعليمية، خاصة في ظل تزايد مظاهر العنف اللفظي والجسدي تجاههم.
كما دعا مهتمون بالشأن التربوي إلى إعادة النظر في العلاقة بين الأسرة والمدرسة، مؤكدين أن التربية مسؤولية مشتركة تقوم على الاحترام والتعاون، لا على التهجم والاعتداء. فالمدرسة فضاء للتربية والتكوين، لا ساحة لتصفية الحسابات أو ممارسة العنف.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه حملات التضامن مع المديرة المعتدى عليها على منصات التواصل الاجتماعي، ارتفعت الأصوات المطالبة بضرورة الضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه المساس بكرامة الأطر التربوية أو تهديد سلامتهم داخل المؤسسات التعليمية.
وتبقى هذه الحادثة رسالة مؤلمة حول الواقع المقلق الذي يعيشه جزء من الجسم التربوي بالمغرب، وجرس إنذار حقيقي يدعو إلى مراجعة العلاقة المجتمعية مع المدرسة المغربية، حتى تستعيد دورها التربوي والإنساني بعيدًا عن مظاهر التوتر والعنف.