في خطوة قضائية وُصفت بالمهمة في مسار حماية الخصوصية، أصدرت محكمة النقض قراراً يقضي بنقض وإبطال حكم صادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بعدما تبين أن الإدانة استندت إلى أدلة تم مستخرجة من تفتيش غير مشروع لهاتف نقال جرى دون إذن قضائي مسبق.
القضية تعود إلى متهم تمت متابعته بتهم تتعلق بـ“التحريض على ارتكاب جنايات وجنح، والتقاط وتسجيل أقوال وصور في مكان خاص دون إذن”، حيث تقدّم دفاعه بطلب نقض القرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2021، مستنداً إلى أن محضر الضابطة القضائية اعتمد على تفريغ محتويات الهاتف دون الإذن القانوني المطلوب، ما يشكل خرقاً واضحاً للفصل 24 من الدستور المغربي الذي يضمن حماية الحياة الخاصة وسرية الاتصالات.
وفي تعليلها، شددت محكمة النقض على أن القرار المطعون فيه لم يُجب على الدفوع الشكلية التي أثارها الدفاع بخصوص بطلان المحاضر، رغم تمسكه بعدم مشروعية التفتيش. واعتبرت المحكمة أن نقصان التعليل في هذا النوع من القضايا يعادل انعدامه، مما يجعل الحكم الاستئنافي عرضة للنقض والإبطال، استناداً إلى الفصلين 365 و370 من قانون المسطرة الجنائية.
ويرى قانونيون أن هذا القرار يشكل اجتهاداً قضائياً بارزاً يعزز حماية المعطيات الشخصية، ويؤكد أن الهاتف المحمول يُعتبر امتداداً للحرمة الشخصية، لما يحتويه من معلومات ورسائل وصور خاصة، ما يرسخ مبدأ أن أي تفتيش له لا بد أن يتم بترخيص قضائي مسبق احتراماً لحقوق الأفراد وضمانات المحاكمة العادلة.