تعيش عدد من شوارع وأحياء مدينة فاس خلال الأيام الأخيرة على وقع توسّع غير مسبوق في فوضى احتلال الملك العمومي، وسط استياء واسع في صفوف الساكنة، التي تسجّل غيابًا شبه تام لتدخلات السلطات المحلية من أجل فرض النظام وضمان احترام القانون، رغم حساسية الظرفية التي تزامنت مع العدّ العكسي لاحتضان المملكة كأس إفريقيا للأمم.
ففي جولة بسيطة عبر مناطق متفرقة من المدينة، لا سيما وسطها وشوارعها الحيوية، يبدو واضحًا حجم الاختلالات التي باتت تسيء للمشهد الحضري: عربات متجولة تحتل الأرصفة، محلات توسعت خارج مساحاتها القانونية، مقاهٍ ومطاعم بسطت نفوذها على الفضاء العام، إضافة إلى انتشار واسع لـ”الفراشة” في محاور تعتبر واجهة أساسية للمدينة أمام الزوار والبعثات الرياضية.
هذه المشاهد، التي تتنافى مع المجهودات الرامية إلى تحسين جاذبية المدينة وتقديم صورة حضارية تليق بسمعتها التاريخية، تثير مخاوف فعاليات مدنية وحقوقية من انتقال هذه الفوضى إلى القنوات الدولية خلال فترة “الكان”، ومن انعكاسها المباشر على صورة مدينة فاس لدى الوفود الإفريقية ووسائل الإعلام الأجنبية.
ورغم أن المدينة تستعد لاحتضان عدد من المباريات، إلا أن تدخلات السلطات المحلية، وفق شهادات مواطنين، ما تزال ضعيفة وغير كافية، بل إن بعض الملحقات الإدارية، بحسب تعبير الساكنة، “في دار غفلون”، لا تتفاعل بالسرعة المطلوبة مع الشكايات المرتبطة بالاحتلال العشوائي للملك العمومي.
ويؤكد متتبعون أن معالجة هذا الملف تتطلب رؤية واضحة وخطة استعجالية تُشرك فيها مختلف الأجهزة: السلطات المحلية، الأمن، المجلس الجماعي، والفعاليات المدنية، بهدف إعادة الاعتبار للفضاء العمومي وفرض احترام القانون قبل موعد انطلاق التظاهرة الإفريقية.
كما يشدّد مهتمون بالشأن المحلي على أن قضية الملك العمومي ليست مجرد تنظيم مؤقت مرتبط بحدث رياضي، بل هي ورش دائم يتطلب مراقبة مسترسلة وردعًا حازمًا للمخالفين، مع ضمان بدائل اجتماعية واقتصادية تحفظ كرامة الفئات الهشة.
وفي انتظار تفاعل السلطات مع هذا الوضع، يبقى السؤال مطروحًا بإلحاح: هل ستنجح فاس في استعادة هيبة القانون وتقديم صورة مشرّفة قبل صافرة انطلاق “الكان”؟
