من بين الأسماء التي حفرت حضورها بصمت في سجل الأمن الوطني بمدينة فاس، يبرز اسم العميد الممتاز المتقاعد مصطفى الدحماني، الذي شكّل على امتداد 26 سنة من الخدمة نموذجاً لرجل الأمن المتزن، الهادئ، والمتفاني في أداء الواجب. ورغم تقاعده في سنة 2022، ما تزال بصماته المهنية ومواقفه الإنسانية حاضرة لدى زملائه ولدى ساكنة المدينة التي عرفته عن قرب.
ولد الدحماني وفي داخله ميل فطري إلى الانضباط والالتزام، صفات جعلته، ومنذ التحاقه بسلك الأمن، واحداً من الأطر التي يُعتمد عليها في تدبير الملفات الحساسة، والتعامل مع مختلف الوضعيات بحكمة ودراية. فقد اشتغل في عدة مصالح أمنية بفاس، وتدرج بكفاءة إلى أن نال رتبة عميد ممتاز، وهي رتبة لا يصل إليها إلا من أثبتوا مهنيتهم العالية واستقامتهم الأخلاقية.
وخلال سنوات اشتغاله، اشتهر العميد الممتاز الدحماني بأسلوبه العملي الهادئ، وبقدرته على حل النزاعات الميدانية دون ضجيج، واعتماده الحوار والحكمة قبل أي إجراء آخر. كان مثالا للمسؤول الذي يجمع بين الصرامة في تطبيق القانون، والإنصات للناس، واحترام كرامتهم في كل الظروف. وهذه الخصال جعلت صورته نظيفة ومقدّرة لدى سكان المدينة، خصوصاً في الأحياء التي مرّ منها في مسيرته المهنية.
كما يحظى الدحماني بتقدير كبير وسط زملائه في أسرة الأمن الوطني، الذين يرون فيه نموذجاً للمسؤول الذي يشتغل بصمت بعيداً عن الأضواء، ويغادر منصبه بنفس الهدوء الذي كان يميز حضوره اليومي. فقد ترك مكانه نظيفاً، كما يقول عنه رفاقه، وترك وراءه إرثاً مهنياً قائماً على النزاهة والانضباط والجدية.
وخلال سنة 2022، وبعد أكثر من ربع قرن من العطاء، غادر العميد الممتاز الدحماني أسلاك الشرطة ليلتحق بالتقاعد، في مشهد مؤثر جمع بين الفخر بما قدمه، وبين تقدير كل من عرفه لمساره الطويل. ورغم مغادرته الجهاز الأمني ، ظل تأثيره حاضراً في الأجيال الجديدة من رجال الأمن الذين اشتغلوا معه وتعلموا منه.
إن الحديث عن العميد الممتاز مصطفى الدحماني هو حديث عن نموذج لرجل أمن وطني، أدى رسالته بضمير حي، وغادر في صمت، تاركاً سيرة طيبة واحتراماً كبيراً في قلوب من تعاملوا معه. نموذج يؤكد أن الأمن الحقيقي لا يقوم على القوة فحسب، بل على أخلاق رجال يضعون خدمة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.
