بينما يستعد المغرب لاحتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم، في حدث رياضي قاري يُفترض أن يكون عنوانًا للفرح والإشعاع، تتوالى على البلاد مآسٍ ثقيلة تفرض نفسها بقوة على الواجهة، وتطرح أسئلة مؤلمة حول كلفة الإهمال وحدود المسؤولية.
في مدينة فاس، خلّف انهيار بنايتين حصيلة مأساوية وصلت إلى 22 ضحية، في فاجعة أعادت إلى الواجهة ملف البنايات الآيلة للسقوط، وما يرافقه من تأخر في التدخل وغياب الحزم في تنزيل القرارات.
وفي آسفي، كشفت الفيضانات مرة أخرى هشاشة البنية التحتية، وعجزها عن الصمود أمام تساقطات مطرية موسمية حيث اودت بازيد من 14 شخص .
أما ضواحي المحمدية، فقد شهدت حادثة سير قاتلة تضاف إلى سلسلة طويلة من الحوادث التي تحوّلت إلى مشهد يومي ينذر بالخطر.
هذه الوقائع، على اختلاف أسبابها، تشترك في نتيجة واحدة: فقدان أرواح كان يمكن إنقاذها لو توفرت الوقاية، والمراقبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وهي مآسٍ لا يمكن عزلها عن سياق الاستعدادات الكبرى التي تشهدها البلاد، ولا عن الأسئلة التي يطرحها المواطن حول أولويات السياسات العمومية.
إن التظاهرات الرياضية، مهما بلغت أهميتها، لا يمكن أن تكون غاية في حد ذاتها، ولا مبررًا لتجاهل الاختلالات البنيوية التي تمسّ السلامة، والسكن، والطرق. فصورة المغرب الحقيقية لا تُقاس فقط بجودة الملاعب ولا بحجم الاستثمارات، بل بمدى حماية حياة مواطنيه وصون كرامتهم.
كأس إفريقيا فرصة للاحتفال، نعم، لكنها أيضًا لحظة للتأمل والمساءلة. فبدون معالجة جذرية لأسباب هذه المآسي، سيظل الفرح ناقصًا، وسيبقى الحداد حاضرًا، مهما ارتفعت الهتافات في المدرجات.






