استفحلت ظاهرة التسول بفاس بشكل ملفت للنظر حيث إن كل من يتجول على قدميه أو راكبا سيارة أو حتى وسيلة نقل عمومية إلا ويسترعي انتباهه كثرة المتسولين في الشوارع وأمام الإشارات الحمراء .
وهذه الظاهرة تدفعنا للتساؤل: هل إلى هذه الدرجة يتغلغل الفقر في أعماق المجمتع المغربي عموما و الفاسي خصوصا ، مع أن ذلك يتعارض مع ما تشهده البلاد من تطور عمراني وارتفاع مستوى عيش ملحوظ، بل بشهادة أجانب ودول أجنبية من باحثين في أمور الاقتصاد أو من سياح وفدوا على بلادنا وشهدوا بالقفزة الجبارة التي خطاها المغرب إلى الأمام..؟
فكيف اتسعت رقعة الفقر لتتسع معها نسبة المتسولين حتى أصبحت تشكل تشويها للسياحة بالحاضرة الإدريسية فاس لما يحدثه المتسولون من مضايقات للسياح وللمواطنين ونفس الشيء بالنسبة للمتشردين الذين أصبحوا يشكلون العضو المريض في المجتمع..؟ فهل التسول إذن ناتج عن الفقر المدقع الذي لا يجد معه صاحبه بدا من السؤال من أجل الحصول على لقمة العيش أم هو عادة وليدة الممارسة؟ أم أصبح مهنة لجني المال بدون تعب..؟
كانت ظاهرة التسول في مدينة فاس عادية بعض الشيء، لكن مع بداية فصل كل شتاء أصبحت ظاهرة جد مقلقة، حيث ينتشر المتسولون في عدة فضاءات بشكل كبير وملفت للانتباه، فالمتجول داخل مركز المدينة او في بعض الاحياء التي يتجمعون بها بكترة كحي السعادة وحي الفرح وحي بدر والادارسة وشارع محمد الخامس و طريق صفرو… حيث تصطدم بأعداد هائلة من المتسولين الذين ينتشرون في كل مكان، في الشوارع الرئيسية والأزقة، في الحدائق والساحات العمومية، عند إشارات المرور وفي مفترقات الطرق، وبوسط طريق المدينة عند ازدحام السيارات، في الأسواق الشعبية والمقاهي، في مواقف السيارات ومحطات المسافرين، وحتى أمام مراكز البريد والبنوك، وعند أبواب المساجد والمقابر. في كل هذه الأماكن، يستوقفك متسولون من الجنسين، ومن مختلف الفئات العمرية، أطفال، نساء، رجال، شيوخ وعجائز،….
تعليقات المواطنين الفاسيين حول هذه الظاهرة تتباين بين الاستنكار والدعوة إلى القضاء على هذه الظاهرة ، وتكثيف المراقبة على الجمعيات المهتمة في قانونها الأساسي على هذه الظاهرة لا التقاط صور معهم للاستفادة من الدعم على ظهر الفقراء و المشردين حتى يتم القضاء الجذري على هذه الظاهرة، وتمكين المؤسسات من تدبير الصدقات والهبات بطرق أكثر عقلانية.
هذا الأمر يستدعي التدخل بقوة لتنفيذ التوصيات الاستراتيجية الوطنية لمحاربة التسول، إذ تؤكد عدة دراسات أجرتها عدد من الدول بأن المشاريع الصغيرة المدرة للدخل هي الحل الأسلم لمكافحة الظاهرة، مع استمرار توعية المواطنين بعدم تقديم الصدقات في الشوارع..