مدمنون وضحايا تظهر على أجسادهم آثار تعاطي شتى أنواع المخدرات، هذا هو حال العديد من المؤسسات التعليمية ببلادنا، التي أصبحت تختزل سموما تقتل داخل فضاء من المفروض أن يكون مكانا لتربية وتنشئة عقول سليمة يعول عليها المغرب مستقبلا.
طاقم الحقيقة24 ، سيحاول ملامسة الأسباب التي تفضي إلى ظاهرة إدمان التدخين والمخدرات بين صفوف التلاميذ، وأنواع هذه المخدرات، وكيف تصل إلى أيدي التلاميذ، وشهادات بعض المدمنين.
شغب متكرر داخل القسم، نقط هزيلة ولامبالاة مفرطة، هكذا كان تلميذ في عمر الزهور يقضي يومه داخل حجرة الدرس في إعدادية الإمام البخاري المتواجدة بالنفوذ الترابي لمقاطعة زواغة ، رشيد ذو السادسة عشر عاما يدرس بالتاسعة إعدادي للمرة الثانية بعد رسوبه العام الماضي.
كل يوم يتكرر معه سيناريو الطرد من الفصل، إما بسبب مشادات كلامية بينه وبين أساتذته، أو بسبب تصرفاته الغريبة، لتصبح وجهته الشارع خارج أسوار المؤسسة، رفقة أصدقائه، في هذه الأثناء يطلب رشيد من صديقه المقرب أن يعد له سيجارة أو “جوان” كما سماها أملا في “نسيان مشاكله”.
بعد يوم طويل يعود أدراجه إلى البيت ليصطدم من جديد بصراخ والديه عن سبب تأخره وتزايد الشكاوي من قبل المؤسسة.
حلقة مفرغة تدور فيها حياة رشيد كل يوم، حياة يطبعها الروتين القاتل، عنوانه الصراع اليومي سواء مع عائلته أو أساتذته أو حتى زملائه، فلا يجد سوى نشوة المخدرات ملجأ له عله يجد فيها ما يفتقده.
و في تصريحه للحقيقة24 و بندم شديد يحكي لنا رشيد المدمن كيف دشن دخوله عالم الإدمان بتدخين السجائر في المرحلة الأولى من الإعدادي، وهو لم يتجاوز بعد الثالثة عشر من عمره، رشيد الذي امتنع في البداية عن سرد حكايته، لكن بعد أخذ ورد في الكلام بدأ يسترسل في الحديث.
قال إن البداية كانت ‘عياقة’ لإثبات ذاته أمام زملائه في المدرسة، باعتبار أن ذلك رمزا للرجولة، هذه التجربة الأولى أثارت فضوله للبحث عن مواد أخرى كالحشيش والمعجون والأقراص المهلوسة من قرقوبي و إكستازي ، وكذا الكحول. تجربة المعجون تأتي في مرحلة ثانية بعد السجائر والشيشا.
تسببت أول جرعة أخذها من “المعجون” لحظات قبيل أن يدخل إلى قاعة الدرس، في فقدان كامل لوعيه، كما أصيب بحالة هستيرية من الضحك، فأخذ يستهزئ من زملائه، ليقوم الأستاذ بطرده من الفصل، ليبصم بذلك أولى خطواته في عالم الإدمان “المظلم والمدمر”، باحثا عن شتى الوسائل المخدرة الأخرى رفقة أصدقائه قبل أن يسقط في” شباك البلية”.
“و للحقيقة24 يحكي لنا بكل مرارة معاناته مع الإدمان الذي جعل منه شخصا منبوذا من طرف أصدقائه، شخصا يثير البلبلة، غير مرغوب فيه. بحسرة وندم شديدين يتأسف عن ضياع ثلاث سنوات من حياته الدراسية، وعلى حياته التي تحولت إلى كابوس دائم.
بحسرة عبر رشيد عن هذا الندم، وعيناه لا تفارق الأرض في محاولة لإخفاء الحزن والألم الذي يشعر به “في الأول كانت غير “تفلية”، ومن بعد ويلات إدمان ما قدرش نتخلص منو، تمنيت لو عاد الزمن إلى الوراء لرفضت تلك السيجارة التي قبلتها ذات يوم بذريعة الحرية الشخصية”.