أبناء الوطن الأبرار لا يذوب معدنهم الأصيل في هذا البلد ، فهم في كل حيز منه يشيعون عطاءا وتضحيات جلال و لا يريدون من وراء ذلك لا جزاء و لاشكورا ، يشعرونك بالخجل عندما تكتشف حجم ماقدموه لهذا الوطن في ظل هذه الظروف، وأنت لم تقدم شيئا حتى المكوث في منزلك ،
جائحة كورونا ، درس رسم فوق لوحة الوطن أسماءا وجب الافتخار بها و توشيحها بأوسمة الفخر و الشرف ، نظير ما قدمته من مساهمات و تضحيات ، فهي لم تنزوي في مناطق الظل و السلبية ، بل سارعت بكل ما أوتيت من قوة من أجل مد يد العون و المساعدة ، لأنها متشبعة حتى النخاغ بترانيم الوطن الصادحة في كل مكان .
بمدينة فاس نموذج حي لهؤلاء الأبطال ، ممن يستحقون منا جميعا رفع القبعة ، سيدة في مقتبل العمر ،طبيبة أخصائية في أمراض القلب و الشرايين ، مالكة لعيادة طبية في نفس التخصص ، الدكتورة الموساوي زينب، منذ أعلن المغرب أولى الإصابات بفيروس كورونا أعلنت هذه السيدة استعدادها الكامل وضع عيادتها الطبية كاملة و بالمجان رهن إشارة وتصرف وزارة الصحة للتخفيف من آثار الإصابات و تقديم كل الدعم للأطقم الطبية العاملة في هذه المجال هنا بفاس .
الدكتورة زينب الموساوي لم تكتفي بهذا الأمر وفقط ، بل سارعت للتعبير عن شجبها الصريح والقوي لدعوة زملائها في نفس القطاع للسيد رئيس الحكومة بتخصيص حصة دعم لعياداتهم جراء الأزمة المالية التي عصفت بقطاعهم نتيجة الجائحة ، بل اعتبرت هذه الدعوة محاولة للخروج عن الإجماع الوطني الذي ارتضاه المغاربة في هذه الظرفية بالذات و القاضي بضرورة التكافل و التعاضد والإيثار والصبر جنبا إلى جنب وراء عاهل البلاد حتى تمر الأزمة بسلام .
الناظر إلى موقف هذه السيدة بتمعن يكتشف بعين البصيرة أن البلاد حبلى بوطنيين مخلصين عكس ما يروج كثيرون ، و عكس ما يحاول ضعاف النفوس بثه من سموم في نفوس أبناء الوطن ، فليس كل الأطباء المشتغلين في القطاع الخاص هم مصاصين للدماء ، وليسوا كلهم من طينة مصدري بلاغ الشؤم ، بل فيهم الشرفاء الأحرار من يأثرون الوطن على مصالحهم و لو كانت بهم ضائقة أو حاجة .
أعطت الدكتورة الموساوي درس لنا جميعا ، فحين تتلاحم الوطنية الصادقة بقدسية القسم الذي يؤديه كل طبيب ، هنا نكون أمام ولادة حالة من النبل المهني و السمو الوطني ، لا يمكن ان ينتج إلا مبادرات خلاقة مثل ما أقدمت عليه.
أمثال الدكتورة “زينب” هم من يجب أن يتصدرو شاشات الإعلام وأن تسلط عليهم الأضواء حتى يصيرو قدوة للأجيال المقبلة في عطاءاتهم و وطنيتهم ، عكس تافهين آخرين أخطئ الجميع في تصديرهم المشهد دون فائدة ، لكن عندما عول عليهم الوطن تواروا عن الأنظار .