شكلت القفة الرمضانية على مر العصور و الأزمنة و في كل بقاع العالم الاسلامي وسيلة يتقرب بها أهل الخير و الاحسان لخالقهم ، يجودون بما أتاهم الله من نعم على أسر معوزة في السر دون العلن ، يبتغون بذلك وجه الله لا غير .
لكن في المقابل هناك من حول هذه الفضيلة إلى مناسبة لأخد الصور والتباهي بأعمال الخير ، في مشاهد تحط من كرامة الفرد ، حتى أنه يحكى أن بعض الجمعويات وهي تستعد لتوزيع القفة الرمضانية تعطلت كاميرا التصوير ، فأمرت بإلغاء عملية التوزيع بالمرة .
بفاس هناك بعض الجمعويات التي اتخدن من هذه المناسبة موسما للفرجة و التصوير ، محسنون من داخل الوطن و من خارجه من دول الخليج وغيره يجودون لأهل فاس بما أتاهم الله من نعم ، لكن دون أن يعرفهم أحد ، لكن الغريب في الأمر هو أنك تجد هاته الجمعويات يقدمن أنفسهن أمام الكاميرا و كأنهن أصحاب المبادرة ، بينما المحسن الحقيقي جالس في منزله لا يعرف له أحد ذكرا .
هذه السنة ، أجواء الحظر الصحي ضيقت الخناق على هذه الكائنات الطفيلية ، فصرن يبحثن عن وسيلة للاختباء مصرات على الاستمرار رغم المنع ، بل إن المبادرة الملكية السامية بتوزيع 600 ألف قفة كانت رسالة واضحة بأنه قد حان الوقت لإنهاء هذه المهزلة التي جعلت من جمعويات مغمورات بفاس يتخدن من هذا الشهر الفضيل موسما لإخراج أبشع مسلسلات التمثيل والتصوير على حساب آهات الأسر المعوزة .
وحتى لا نعمم ، جمعية بفاس دون غيرها تعتبر محظوظة إلى حد بعيد في الاستفادة من عروض التمثيل هذه ، فآلاف القفف تمنح لها كل سنة ، دول من الشرق و الغرب تجدها عبر هذه الجمعية مساهمة في ذلك ، و كأن بفاس جمعية واحدة لا غير ، مع العلم أن جمعيات كثيرة بفاس تشتغل في الميدان أيضا و تسخر وقتها وأنشطتها لأفعال الخير و التضامن دون أن تحضى بفرص مماثلة .
هناك أسئلة عدة وشكوك تحوم حول الآليات المتبعة كل سنة و التي تجعل من جمعية وحيدة بفاس دون غيرها تحضى بهذا الإمتياز ، وهل تمت من آليات رقابة تحصي على هذه الجمعية طرق توزيع هذه القفف ، و ما هي طبيعة الأسر المستفيدة ؟ خصوصا إذا علمنا أن الكثير من الأسر والقاطنة بنفس دائرة تواجد هذه الجمعية لم تستفد قط وطيلة سنوات من هذه الإعانات رغم إلحاحها الكبير و تقديمها لكل الوثائق التي تثبت عوزها و الفقر المدقع الذي تعيش فيه .
السلطات المحلية بفاس لا ينكر أحد دورها المحوري و الهام في مراقبة هذه العملية و ضبطها ، تفاديا لوقوع خروقات أو انزلاقات ، و الأدوار الملقاة على عاتقها اليوم أكبر من أي وقت مضى ، لكبح جماح بعض التصرفات التي أساءت للعمل الجمعوي التطوعي بفاس ، خصوصا و أننا نعيش فترة حظر صحي يمنع معه أي تجمع كيفما كان نوعه ، تفاديا لأي خطر لا قبل لنا به .
السلطات المحلية هي الجهة الوحيدة المخول لها عملية التوزيع و أخد القفف و توزيعها ، لما يحترمه عناصرها من شروط الصحة و السلامة و الوقاية ، ولما هو معهود لأفرادها من ثقة و نظافة يد ، أما السيدة الفاضلة فلتسترح هذه السنة و لترح البلاد و العباد معها .
صورة من الأرشيف