موتوا حيث أنتم صبرا جميلا
وطنكم غير قادر على تحمل مسؤولية عودتكم للحياة فيه الآن.
أجلوا هويتكم بعض الوقت أو علقوها كما هي علقتكم، كونوا متفهمين للأسباب التي لم نفصح عنها، لأنكم مرغمين على التفهم، فالموت بعيدا عن أهلكم وأحبابكم حفاظا عليكم وعليهم شهادة في سبيل الوطن الذي رفضكم.
من الأحسن أن تموتوا متفهمين، خير من أن تموتوا بالغبن والحسرة.
كونوا فخورين بما قامت به سلطات بلدكم لحماية أرواح المواطنين، كونوا فخورين بين الأمم بالكم الهائل من الكمامات التي صنعنا من أجلكم خدمة للبشرية، لا تنسوا أن هويتكم عالقة الآن، بلدكم ضعيف وفقير ولا يستطيع أن يرجعكم الى دياركم ولو على حسابكم، فما عليكم الا أن تطلبوا الحماية من بلدان توجدون على ترابها، استعطفوهم، قولوا لهم فقط أنكم مغاربة وهم سيفهمون ويتفهمون، ان لم يحموكم من المرض والبؤس والتشرد والياس والإحساس بالغبن، من حقكم أن تغضبوا لأن بلدكم ساعد بلدانهم كي تحمي مواطنيها وتعيدهم الى ديارهم سالمين آمنين.
من أنتم؟ كم أنتم؟ 30000، كثيرون أنتم على أن نعيدكم، و قليلون على أن نحس بكم و بمعاناتكم، اذن المسألة تتطلب مزيدا من الوقت والصبر والتفكير والتأمل العميق حتى نسمح لكم بالعودة سالمين ان لم تموتوا حيث أنتم.
راهنتم على العيش في بلدكم وكونتم اسرا وفتحتم بيوتا، مارستم كل حقوق المواطنة وأنتم فيه، اليوم عليكم أن تتقبلوا أن رهانكم كان رهانا خاسرا، ساذجا، بليدا، أخرقا، كل حقوقكم هذه معلقة الى اشعار آخر، من قال لكم أنها حقوق دائمة، هي فقط حسب الظرفية، وأنتم تعلمون أن الظرفية الآن لا تسمح بأن تتمتعوا بمواطنتكم كاملة، أن تطالبوا بحقكم في العيش أو الموت في وطنكم. وطنكم العظيم، الأجمل في العالم، الديموقراطي، المسالم، الوطن الغفور الرحيم. عودتكم بيدنا ونحن من نملك القرار، قرار رجوعكم الى بيوتكم واهلكم، لا زلنا نفكر فيه، لا تزعجونا بآهاتكم وتوسلاتكم وأنينكم حتى نأخذ القرار السليم، موتوا صبرا جميلا حتى ننتهي من التفكير، لا عودة بدون تفكير، لستم متمردين أو انفصاليين أو ثائرين حتى نفكر بسرعة، ونجيبكم بسرعة، أنتم فقط مواطنون عالقون، نعلم أنكم ستتفهمون موتكم حبا في وطنكم من أجلنا نحن من نتحمل مسؤولية عدم عودتكم اليه.
في النهاية من قال لكم أن تسافروا الى الخارج؟ موتوا صبرا جميلا حيث أنتم حتى تنتهي المحنة. وان لم تموتوا وعدتم يوما ما تذكروا أن عليكم أن تمارسوا مواطنتكم وتعلنوا حبكم ووفاءكم له بالزغاريد والأناشيد والتصويت والتبريك والتهليل.
لا تنسوا أن لكم وطن فقط حينما نريد نحن أن يكون لكم.
الى ذلك الحين موتوا حيث أنتم صبرا جميلا.
مغربي معلق المواطنة بالخارج.