“تمتع ” رواد المواقع الالكترونية ببعض الصور المأساوية التي رافقت مؤتمر حزبنا السابع عشر و غصت المواقع بالتحليلات السطحية والتعليقات الشامتة مما حصل. وإن كنت من المناضلين العديدين الذين حذروا منذ بداية الاعداد للمؤتمر من خطر الوقوع في هذه الوقائع التي تسيء لصورة و جسد الحزب، أجدني اليوم مرة أخرى ملزما بتقديم قرائتي المتواضعة لما حصل، مناشدا كل الضمائر الحية من داخل الحزب وخارجه للتأني في التحليل و استصدار المواقف.
*1.هل حزب الاستقلال حزب عادي؟*
تشهد احداث المؤتمر الحالي مرة اخرى ان حزب الاستقلال ليس رقما عاديا بين ارقام حزبية اخرى.
كم هي الاحزاب التي لازال يتابع المواطن المغربي اطوار مؤتمراتها و تفاصيلها؟
كم هي الاحزاب التي تحسم في “اختيار” زعمائها قبل مؤتمراتها الآمينية (من آمين)؟
من هي الاحزاب التي تعرف تدافعا اقليميا وجهويا و تنظيماتيا لافراز المؤتمرين؟
كلنا يعرف مؤتمرات الحافلات والزرود والقبح السياسي.
لا أحتاج لتبرير ان حزب الاستقلال بعيد كل البعد عن هذه التنظيمات الحزبية الغالبة على المشهد السياسي المغربي.
فبكل تأكيد ( الجانب الإيجابي ) كانت وقائع و المخرجات الأولية للمؤتمر درسا و رسالة لكل من استصغر ضمير و ممانعة الاستقلاليين، و هذا يعد مصدر افتخار و اعتزاز لنا جميعا.
*2.هل نحن راضون عن صورته الحالية؟*
عندما نقول ان حزب الاستقلال من تربة هذا الوطن و هذا الشعب، يعني ضمنيا كذلك ان فينا مما في شعبنا. لسنا ملائكة ولا ندعي الطهرانية. طبيعي ان بيننا المثقفين والاطر والاعيان وحتى الانتهازيين والوصوليين. صورة مصغرة للشعب.
لا أبرر بذلك للانفلاتات التنظيمية التي من المفروض السيطرة عليها و استمرارها بقوة و التخلص منها ، ولا أملك الوصفة السحرية لتجاوزها.
العمل التنظيمي الجاد والمستدام والتخلص من استخدام “المنشطات” و معرفة بالحجم الحقيقي للحزب والنقد الذاتي وحدها هي مدخلات التقويم والاشعاع للحزب.
*3.لحمة الحزب التي نريد*
كلنا يعلم ان نسيج عضلة هي آلاف من الألياف الدقيقة المنسجمة والمنظمة والتي ان تمزق بعضها فقدت العضلة صحتها و قوتها وسكنها الهوان والضعف وقد يكون مصيرها البتر.
ان “الطائفية” بالحزب مصيرها وأد أبناء الحزب من هنا وهناك. “واش فينا ما يتقسم؟كما تقول الغيوانية”.
لقد لامست من خلال النقاش الاخوي الذي جمعني بالعديد من الأخوات و الاخوة المناضلين الملتزمين لثوابت و ظوابط الحزب ( و من تيارات مختلفة ) أن الأحداث المتتالية في الأيام الأخيرة ما قبل و خلال أيام المؤتمر من تجاوزات لقوانين و ظرب للقيم و المبادئ الأخلاقية التي ربانا عليها جيل الرواد الأوائل و التي ينهل الشباب الاستقلالي منها و من تراكم تجربة و أدبيات الحزب الأساسية تجعلنا كمناضلين اوفياء نشعر بشعور مزدوج و متناقض في بعض الأحيان
فمن جهة نشعر بالاعتزاز و الافتخار بمسار و صمود الحزب في وجه الاضطرابات التي تهدد الحزب في كيانه و بقائه قائما شامخا حي الضمير و معتزا بما يقدمه للوطن الحبيب الغالي
و من جهة أخرى نحس بعدم الاطمئنان عن مستقبل و مصير قيمه الإنسانية و الأخلاقية و العقائدية الخالدة.
و لأن المسؤولية أمانة عظيمة و خطيرة بخطورة الظروف و المنعطف الذي يمر منه تنظيمنا. و لاننا لا زلنا واثقين بأن وطننا ما زال بحاجة ماسة لحزب الاستقلال ، حزب وطني محافظ على فكره و قيمه التي اسس من أجلها،ينبض بنبض الشعب لا حزبا بدون لون أو طعم غير قادر على لعب أدواره الأساسية من وساطة و حماية الوطن و مؤسسته الملكية و وحدة ترابه.
كم أتمنى كمناضل مع باقي المناضلين الشرفاء أن أطمئن على قوة و صلابة المؤسسات التي ستنبثق عن أشغال مجلسنا الوطني القادم، مؤسسات قوية و محصنة بمصداقية شرعيتها الديمقراطية الحقيقية تحتمي بأمانة القيم الاستقلالية الوطنية الحقة و تعبر بتوازن عن وجهات نظر فرقائها بمختلف مشاربهم و تياراتهم الفكرية و انتظاراتهم الجهوية.
تضحية الاستقلاليين وتعبهم في هذه المحطة، يستحق أن يناموا مطمئنين على مستقبل الحزب.
وذلك أضعف الايمان
علال العمراوي