لا زال توالي الأحداث المرتبطة بالمهرجانات الثقافية يثير لغطا كبيرا بين السياسيين، وسط توسع دائرة المنتقدين، والتي باتت تشمل حزب الحركة الشعبية، والذي طالب القيادي فيه محمد أوزين باعتذار حكومي على ما وقع.
أوزين وجه رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ذكر فيها بسؤال كتابي سابق كان قد وجهه حزبه حول مغبة التطبيع مع بعض السلوكات الدخيلة على مجتمعنا المغربي، والتي تعد انحرافا خطيرا وانزلاقا غير مسبوق من انحلال اخلاقي وخلقي يستهدف الضرب في عمق نسقنا القيمي النابع من تامغرابيت المبنية أساسا على قيم الحياء والاحترام والحشمة وهي القيم التي تجسدها عقيدة الثقافة المغربية.
واعتبر أوزين أن تفاعل الحكومة مع الأحداث الأخيرة التي عرفتها مهرجانات ثقافية طبع بـ”الاحتشام”، وقال في هذا الصدد أن الحكومة، لم تكلف نفسها عناء تقديم اعتذار للشعب المغربي الذي خدش في حيائه وسط أبنائه وأسره وفي عقر داره، وهو يتفاجأ بكلام سوقي ونابي منحط من شاب مغرر به لا يعرف القيود في الكلام حسب تعبيره، في إشارة لتصريحات المغني طه فحصي الملقب بـ”طوطو” والتي كان قد دافع فيها عن تعاطي الممنوعات.
ويرى أوزين أن ” العنف اللفظي وحث الشباب على ممارسات لا نرضاها لأبنائنا” بات ممارسة ممنهجة وعن سبق وإصرار من خلال مهرجان “البولفار” الذي تدعمه وزارة الثقافة والاتصال،مضيفا أن “العنف اللفظي تحول من ساحة السويسي بالرباط الى عنف جسدي داخل فضاء ملعب الراسينغ الجامعي بمدينة الدار البيضاء. وظهر شباب مدججون بالأسلحة البيضاء والعصي وفي حالات غير عادية مقتدين ربما بفنان الراب واعترافه الصحيح والصريح بتناول مواد مخدرة، ليتحول الحفل إلى ساحة حرب: شجارات عنيفة، سرقة، إصابات، تحرش جنسي، وإغماءات، ليتم ايقاف الحفل. وبذلك أصبح هو نفسه ضحية سلوكه المتجسد في عنفه اللفظي الذي تحول، اقتداء به، الى عنف جسدي ومعنوي”.
ووجه أوزين كلامه لرئيس الحكومة مسائلا إياه بالقول: “هل ترضيكم هذه الصور عن شبابكم وصورة بلدكم في حفل ترعاه حكومتكم؟ وهل ما
تسبب فيه فنانكم من ضرر لحشمة المغاربة لم يكن كافيا لمراجعة برامج تنشيط إحدى وزاراتكم؟ وهل تعتقدون أن توقيت المهرجانات تزامنا مع الدخول المدرسي وبعد العودة من عطلة الصيف هو توقيت موفق في ثقافتكم؟”.
ولم يفوت أوزين فرصة هذه الرسالة المفتوحة لانتقاد رئيس الحكومة وعمله، وقال في هذا الصدد أنه اختار توجيه رسالة مفتوحة للحكومة حول الأحداث الأخيرة خارج الفضاء الدستوري المخصص للنقاش بعدما استنفذ القنوات الدستورية، بسبب غياب عزيز أخنوش المتكرر والمنتظم عن
الحضور إلى الغرفة الأولى لمدة قال أنها فاقت الأربعة أشهر، ما ترك فراغا للنقاش والمساءلة حول قضايا عالقة وحارقة وآنية، على الرغم من محاولات الفرق الدعوة إلى عقد دورة استثنائية لتدارك الخصاص المهول على مستوى النقاش، إضافة إلى عدم توصل النواب بأجوبة عن أسئلتهم الكتابية الموجهة لرئاسة الحكومة.
وكانت الحكومة قد اعتبرت، حسب ناطقها الرسمي، مصطفى بايتاس، ما صدر عن “طوطو” من كلمات نابية وخادشة للحياء “سلوكًا غير مقبول”، مشيرا إلى أنه “الحكومة ستعمل على اتخاذ جميع الإجراءات حتى لا تتكرر هذه السلوكيات التي لم يألفها المغاربة خاصة في الفضاء العام”، مضيفًا “من حق المغاربة أن يستمتعوا بالسهرات هم وعائلاتهم في جو من الاحترام والتقيد بالأخلاق العامة”.
في المقابل، لم تعلق الحكومة على الأحداث التي عرفها مهرجان “البولفار” في الدار البيضاء مساء الجمعة، حيث اندلعت أعمال شغب خلفت عددا من الإصابات قالت لجنة تنظيم المهرجان أنها تجاوزت العشرين، فيما اختارت المؤسسة الحاضنة للمهرجان الحفاظ على برمجته واستئناف أنشطته التي كانت مقررة في نفس الملعب.