عادل عزيزي
يتميز إقليم تاونات بكونه محاط بعدد كبير من الوديان و السدود؛ سد الوحدة، سد الساهلة، سد ادريس الأول، سد أسفالو، و سد بوهودة، إضافة إلى انتشار الآبار، و كذلك مجموعة من الأنهار و الوديان كنهر سبو، نهر ورغة، واد أسرى، واد أمزاز، واد أوضور، واد أولاي، واد اللبن و واد ايناون..، وإذا كانت منافع السدود كثيرة، فإن بحيراتها أضحت مصدر مأساة لبعض العائلات؛ بحيث تشكل خطرا على أرواح المواطنين، خاصة القاصرين، لضعف علامات المنع أو انعدامها.
في ربورتاج قامت به جريدة “الحقيقة 24″، التقت عددا من الشبان الذين أكد أغلبهم أن غياب المسابح البلدية وقلة الإمكانات المادية، دافع إلى التوجه نحو السدود والأنهار القريبة من مقرات سكناهم، غير مبالين بالمخاطر، وغياب التوعية والتحسيس، “الواد هو بحر الفقراء.. يدّي البرّاني، والغشمي الذي لا يعرف السباحة والقاصرين”، يقول أحدهم. وقد سجلت بإقليم تاونات عدة وفيات غرقا هذه السنة، أغلبهم شباب وقاصرون.
الهرب من الموت… إلى الموت!!
في غياب البديل، تتحول الأنهار والسدود في مختلف مناطق إقليم تاونات، من مصدر يمد الأرض بالحياة إلى مصائد لأرواح الأطفال الذين يجهلون خطورتها، وما أكثرها من حوادث غرق شهدها الإقليم كان أبطالها بالدرجة الأولى شباب و أطفال لا حول لهم ولا قوة، ابتلعتهم تلك المصائد دون رحمة ذنبهم أنهم يقطنون في مناطق تنعدم فيها التنمية ومرافق الترفيه الضرورية كالملاعب والمسابح، كما عبث بتنميتها المسؤولون الذين من المفروض انتخبوا لخدمة المواطن، لترفع عدد حالات الغرق بين الأطفال خلال السنوات الأخيرة الماضية، في حين تشير إحصائيات الوقاية المدنية إلى قرابة عشرات حالات الانتشال من الغرق والوفاة وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية من السنة الجارية، نتيجة الغرق في الأنهار والسدود والآبار كان معظمهم أطفال دون الخامسة عشرة من العمر.
قاصرون وشباب ضحايا أبرياء
مع بداية ارتفاع درجة الحرارة لصيف 2023، لقي مجموعة من المواطنين مصرعهم أثناء رحلات استجمامهم، التي تحولت الى رحلات الى العالم الاخر، لم تدر عائلة طفل يبلغ من العمر 12 سنة أن رحلة استجمامه، قد تتحول الى مأساة، بعدما جرفته مياه واد أسرى، الطفل كان يستمتع بمياه النهر، في ظل موجة الحر التي تعرفها البلاد في هذه الفترة، قبل أن تتحول النعمة إلى نقمة.
واد أسرى، لم يكن الوحيد الذي يتحول الى نقطة موت مع ارتفاع درجات الحرارة، ففي الوقت الذي تتحسر فيه أسرة طفل لم يبلغ سن الحلم، على حتف هذا الأخير بجوار ضفاف النهر، كان للقدر كلمة أخرى، بسد الساهلة، بعدما توفي شاب في عمر الزهور غرقا حينما ابتلعته مياه السد ، كان هو الاخر هاربا من قيظ مدينته، بحثا عن مكان للترفيه عن النفس، لكنه لم يضع في حسبانه البتة أنها آخر لحظاته، وغير بعيد عن سد الساهلة، شاب اخر يلقى حتفه غرقا بسد الوحدة نواحي جماعة الوردزاغ.
حتى لا نندم.. إجراءات لا بد منها
أجمع العديد ممن تحدثت إليهم “الحقيقة 24” من مسؤولين و ورؤساء جمعيات وكذا مواطنين، على أن هذه المشاهد التي باتت تتكرر كل عام تستوجب العمل بشكل جاد للحد من حوادث الغرق والتي تزداد عاما بعد عام ، لافتين إلى أن الأمر بحاجة لتكاتف جهود الجهات المعنية كالجماعات المحلية والأهالي ومؤسسات المجتمع المدني للوصول إلى حل يوفر الحماية للأطفال، منبهين أن ترك البرك المائية والسدود و الأنهار بدون حراسة يشجع الأطفال على السباحة فيها رغم عدم توفر وسائل السلامة العامة، موضحين أن غالبية الأطفال الذين قضوا هم في سن صغيرة ولا يعون مخاطر السباحة في الأنهار و البرك المائية والتي تشكل خطرا حتى على السباحين كون أرضيتها ممتلئة بالوحل الذي يصعب من عملية الانقاذ، مضيفين أنه وباستثناء بعض الإشارات التحذيرية لا يوجد ما يمنع الأطفال من الاقتراب من هذه الأماكن والتي غالبا ما تصطادهم رغما عنهم، مؤكدين أن على الجهات المعنية العمل على توفير بدائل آمنة للترفيه لتكون بديلا لهؤلاء الأطفال خاصة وإن معظم المناطق لتي تقع بها هذه المآسي تفتقر إلى مثل هذه البدائل.
تظافر الجهود
إن العمل على الحد من حوادث الغرق يتطلب جهدا مشتركا من جميع الجهات الوصية ومؤسسات المجتمع المدني وكذا الأولياء، من خلال تنظيم حملات تحسيسية و توعوية ودورات إنقاذ لتلاميذ المدارس ودور الشباب وغيرها، والعمل على وضع سياجات وتزويدها بلوحات تحذيرية للتوعية من مخاطر السباحة فيها، وتزداد عدد حوادث الغرق في فصل الصيف مع ازدياد أعداد الزوار والمتنزهين إلى المناطق المتواجدة بها، وارتفاع درجات الحرارة ما يشكل حافزا لدى المواطنين لممارسة السباحة في شتى الأماكن سواء كانت آمنة أو غير مراقبة، غير أن في كثير من الحالات تجري فيه شهوة الاستجمام والترويح عن النفس بلا ما لا يشتهيه قاصدوها خاصة منهم الأطفال حيث تتحول نعمة إلى نقمة.