محمد الهداج
يعيش الاعوان العرضيون وضعية جد مزرية ومقلقة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تتسم بالغلاء الصاروخي لأسعار المواد الأساسية ، حيث اصبح من الصعب على هذه الفئة توفير وتأمين حاجيات ومتطلبات اسرها وأبنائها، ما يجعلها تعاني التهميش والاستغلال ..
إن الحديث عن هذه الفئة هو حديث عن انتهاكات لحقوق عمالية حدثت ولا تزال تحدث على مرأى ومسمع من أعين الحكومة ووزارة الداخلية ، ولم يتم رفع الظلم عن أصحابها ، ومع الأسف أن هذه الفئة تعمل في مؤسسات رسمية وعامة ، وتشتغل إلى جانب موظفون عموميون، وتقوم بأدوار ومهام الموظف العمومي المرسم والمدمج في سلك الوظيفة العمومية ، بحيث تجد الاعوان العرضيون يشتغلون في الجماعات المحلية والمقاطعات والمصالح الإدارية، ويقدمون خدمات عمومية للمواطنين والمرتفقين بشكل يومي، لكنهم يعتبرون موظفين خارج النظام الوظيفي ولا يحصلون على أي تقدير أو اعتراف من قبل مسؤوليهم ، أو إشادة رغم الأدوار التي يقومون بها، سواء في قضاء شؤون المواطنين ، أو تسوية الملفات العالقة وحل مشاكل متعددة مرتبطة بالشأن العام أو بمصالح الجماعة أو مؤسسات أخرى …
كل هذا يحدث وملك البلاد نصره الله وأيده قال في اكثر من مناسبة بأن سيادة القانون على الجميع وتحقيق العدالة هي التي تحفظ هيبة الدولة ، ويقول أكثر من رئيس حكومة مغربية بأن ضعف هيبة الدولة ناجم عن عدم تطبيق القانون ، فلماذا إذن نجد أصحاب القرار والمسؤولون عن هذه الفئة يضربون القانون والعدالة بعرض الحائط ولا يهتمون بهذه الفئة الضعيفة المنتجة ويتملصون من اعطائها حقوقها ..؟!!
لقد أحلق بالعمال العرضيين في المؤسسات العامة ظُلما كبير وهُضمت حقوقهم بتجاوزات رسمية ..في تحد صارخ لجميع مضامين المواثيق الدولية ومواثيق منظمات العمل الدولية، وقانون الشغل المغربي الذي لا يسمح باستغلال العمال واعتبارهم عبيدا ” واعتقد أن الأجرة الهزيلة والمخجلة التي يتقاضونها والتي لا تتجاوز 1500 درهم ، ولا تتضمن أي حقوق موازية من تغطية صحية وتأمين وتعويض عن العمل في العطل وغيرها هو تركيع لهذه الفئة المنتجة وضرب في مصداقية اصلاح الادارة العمومية التي تتشدق به بلادنا …
ولم يقف الحد في مخالفة القانون وابتسار حقوقهم عند موضوع الحد الأدنى للأجر ، بل لا تزال المؤسسات لا تعترف بحقهم في الإجازات السنوية والعطل الرسمية والإجازة المرضية …كما أنهم محرومون من حقوقهم العمالية كحقهم في التقاعد والتأمينات الاجتماعية والصحية ….
لم يكفيهم ذلك .. فقاموا بداية هذه السنة باشتراط طلب عمل كشرط اساسي في عقود الاستخدام يقدم لرئيس المصلحة كل ثلاث أشهر وهو في نظري تعدي على القانون وجريمة في حق هذه الفئة المهشة وسيبة في بلد القانون …
حيث تزخر التشريعات المغربية وبخاصة قانون الشغل بالعديد من الحقوق والمزايا التي حرص المشرّع على إدراجها ضمن تشريعات ملزمة تصون كرامة الإنسان العامل وتحافظ على مكانته في المجتمع ، وتوفر له الحياة الكريمة والمعيشة اللائقة وبيئة العمل المناسبة، لكي يُنتج بكفاءة وبجودة، إلاّ أن المشكلة تبرز في أن بعض المسؤولين في القطاع العام يصرّون على التعدي على هذه الحقوق ، والافتئات على العامل وفي كثير من الأحيان هضم لحقوقه بصورة خارجة على القانون والعرف والخلق والإنسانية ، وتترك آثاراً سلبية كبيرة على العون العرضي وأسرته وبالتالي على المجتمع..
لكل هذه المهازل نقول للحكومة الموقرة بكل مكوناتها ولوزارة الداخلية في شخص عبد الوافي الفتيت الاعتراف بأحقية هده الفئة في الحصول على الحد الادنى للاجر .. ونقول أن مشروع الحماية الاجتماعية يجب أن يبدأ من صون حقوق فئة الاعوان العرضيين وإعطائهم حقوقهم كاملة غير منقوصة ، وهي بداية الطريق لخارطة طريق واضحة المعالم للحماية التي نريدها ونطمح اليها …