حين نبت فجأة المدعو “تحفة” من نافذة اليوتيوب، لم يهتم الكثيرون لخرجاته الغريبة والمتناقضة، والتي تجعله في يوم معارضا للملكية “والمخزن” والمؤسسة الأمنية بالبلاد، وفي اليوم الموالي مدعيا المنافحة عنها، وأنه كان مغررا به، وكأننا أمام قاصر، ثم في يوم ثالث موهما المستمعين لهرطقاته أنه يستقي معلوماته من مصادر خاصة مقربة من دوائر صنع القرار، وحاشا لتلك المؤسسات أو المسؤولين السامين أن يلجأوا لبلطجي مسرف في ساقط الكلام والأفعال.
ولم يكن الأمر يستغرق طويل وقت، ليتيقن حتى من كان منخدعا به، بأنه مجرد مبتز، فيهاجم مسؤولا أو رئيس جماعة أو برلمانيا، وقس على ذلك، ثم بعد أن يقضي وطره، تتوقف الحملة، ليشرع في نقيض ذلك، تصويرا للمستهدف من حملاته بالأمس على أنه كان مظلوما، أو العكس، أن يحول من كان يقدمه محاربا للفساد، إلى الفساد بعينه.
لكن خرجاته الأخيرة، والتي هي مزيج من التشهير والترهيب والابتزاز، في حق زميلات وزملاء صحافيين، جعلتنا أمام ما يتجاوز ” تحفة/ المبتز” إلى تحفة/ الشبكة الإجرامية”.
إننا لسنا أمام شخص بلطجي عديم الأخلاق، والذي لا يمكن لأي عائلة محترمة أن تقبل بأن تسمع مجتمعة الكلام الساقط الذي يخرج من فمه الملوث بالمس بأعراض الناس، بل نحن أمام شبكة إجرامية منظمة، لا يشكل تحفة إلا مكلفا بتنفيذ المهام القذرة، التي لا يجرؤ على القيام بها من تلقى تربية حسنة.
فما قاله في حق الزميلة حنان رحاب، والزميلين يونس مجاهد وعبد الله البقالي، نجد أشباها ونظائر له في مواد منشورة بمواقع معينة، وبصفحات لمدونين مشبوهين، ومنهم زميلة وزملاء في المهنة للأسف، لم يجدوا رادعا من الضمير المهني يثنيهم عن انتهاك أخلاقيات المهنة.
وبملاحظة منشوراتهم وفيديوهاتهم، نجد تشابها بينها في المضمون والمستهدف والتوقيت، مما يؤكد أننا أمام عمل إجرامي منظم، وأننا أمام شبكة لها مخططون ومنفذون، وهي شبكة تريد التحكم في الإعلام، من مدخل الاغتيال الرمزي والإعدام المعنوي لمن اختارهم الزملاء والزميلات لتمثيلهم، سواء في المجلس الوطني للصحافة، أو النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبر انتخابات لم يطعن فيها أحد. كما تستهدف الحملة التي تقف وراءها هذه الشبكة ناشرا يسير مقاولة إعلامية، ويذكرونه بالإسم، مع التلميح إلى جمعية الناشرين التي هو عضو فيها.
إن القاسم المشترك لهجوم هذه الشبكة الإجرامية هو استهداف التنظيم الذاتي للمهنة، واستهداف الأصوات التي عملت في السنوات الأخيرة على إعادة تنظيم الدعم العمومي ليكون أكثر شفافية وتحقيقا للأهداف التي وضع من أجلها، مع اشتراط احترام المقاولات الحائزة عليه لدفتر تحملات بتضمن تعهدات باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيات والصحافيين.
إن هذه الشبكة الإجرامية المنظمة، ترى أن توجهات الدولة نحو تنظيم القطاع وتطويره وحماية حقوق الصحافيات والصحافيين، وجعل أشكال دعمه شفافة، مما لا يخدم مصالحها الريعية وممارساتها الابتزازية في حق المؤسسات والمقاولات والأشخاص، لذلك التجأت لخدمات البلطجية المسخرين، والذين يظلون في نهاية المطاف مجرد مرتزقة، بدليل تغير مواقفهم وتقلبها.
إن الخطير ليس هو استهداف الامن الإعلامي لبلدنا فقط، بل هو الصورة المغلوطة التي تحاول هذه الشبكة تقديمها عن التطورات الحقوقية والدبلوماسية والتنموية لبلدنا، وإلا كيف نفهم بإقحامها لتحفة المتورط في السب والقذف والتشهير والابتزاز، وبالأدلة من فيديوهاته، في الظهور بمجلس حقوق الإنسان بجنيف مدعيا دفاعه عن المغرب، وهي مما يوجب محاسبة من أدخله لقاعة الجلسات العامة بالمجلس، الذي يترأسه المغرب حاليا، لقد أعطى ذلك هدية مجانية لأعداء الوطن من خدم المخابرات الجزائرية ومن معارضة اليوتيوب السخيفة، فعمدوا إلى الادعاء الزائف بأن مؤسسات أمنية وطنية وراء هذا الشخص المشبوه، مستغلين ادعاءاته الحمقاء بقربه من شخصيات سامية ونافذين كبارا.
وقد سكت كثيرون عن ابتزازه وعن تهجماته، اتقاء لسانه الساقط غير المعقم بلقاح النبل والأخلاق، ولكننا اليوم بإزاء شبكة إجرامية تسخره في مهام قذرة، تمس سمعة شخصيات وطنية تحظى بالتوقير، وتمس سمعة الوطن ومؤسساته، وتمس أمنه الإعلامي.
شبكة إجرامية خطيرة لا تتورع عن استقدام خدمات بلطجية وساقطين أخلاقيا ومبتزين ومشبوهين ومحترفي تشهير، وتقديمهم زورا وبهتانا على أساس أنهم ينافحون عن الوطن، فيما هم غارقون في ملفات أخلاقية ومالية.
إن مؤسسات المغرب الدستورية والوطنية والأمنية والتمثيلية، والساهرون عليها كانت ولا زالت تشتغل في النور، ولذلك تحظى وستظل كذلك باحترام المغاربة وتقديرهم وتوقيرهم لها، ولذلك فإن هذه الشبكة تحاول تبديد هذه الصورة الناصعة عبر الإيهام بارتباطهم غير الموجود معها، وحاشاها ذلك.
إن فضح هذه الشبكة وفتح تحقيق في خيوطها وارتباطاتها هو واجب مستعجل.