حتى نكون واضحين من البداية، مقالنا هذا ليس للدفاع عن وهبي و لكن لنناقش فيه تصريحه بكل موضوعية و بكثير من الحياد من أجل أن نستجلي حقيقة الواقع الديني الذي نعيش فيه في المغرب و حقيقة التحولات الثقافية و الدينية التي أصبح عليها المواطن المغربي. فمن منكم يستطيع أن ينكر أن العلاقات الرضائية غير موجودة في مجتمعنا الإسلامي ؟ من ينفي أن ظاهرة المساكنة “Concubinage” غير موجودة وسط المجتمع المغربي ؟ من يدعي أن الفنادق لا تستقبل الأزواج غير الشرعيين ” Les couples ” ؟ نظام العولمة و تداخل الثقافات و الأديان فرض هذا الواقع الجديد وسط المجتمع المغربي ذو المرجعية الإسلامية.
لكن و مع كل هذا التحول الثقافي و السلوكي حتى و إن أصبح واقعا واضحا للجميع فهذا لا يعطي الحق لأي أحد كيفما كان شأنه و صفته بأن يتهم رجلا و امرأة بممارسة فعل الزنا حتى و إن كانا وحدهما داخل غرفة مغلقة و ثالثهما الشيطان. و لعل تصريح وزير العدل جاء في هذا السياق لأن عالم الغيب وحده جل علاه من بيده علم ما يجري داخل تلك الغرفة المغلقة. تصريحات وزير العدل أثارت الكثير من الجدل و خلقت استنكارا واسعا من طرف شريحة كبيرة من المجتمع خاصة الفئة المحافظة.
لكن بالمقابل ألم يقل وهبي شيئا من الحقيقة التي يحاول الكل إخفاءها و إنكارها أم ما صرح به وزير العدل يدخل في خانة ازدراء الأديان ؟ ألم يصف فقط واقع المجتمع المغربي ؟
ألا يدعو الدين الإسلامي بالستر على المسلم ؟ أليس قوله تعالى في محكم كتابه (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) {النور: 4} دليل قاطع على حرص الإسلام على الستر و درء الفتن ؟ هل تواجد رجل و امرأة داخل غرفة واحدة دليل قاطع على ممارسة فعل الزنا ؟ ماذا لو كان إفكا و لا وجود للفاحشة ؟
هذا النقاش و هذا التدافع الإديولوجي صحي داخل مجتمع مسلم متشبث بهويته الإسلامية متوجه في نفس الوقت نحو الحداثة المعتدلة التي تتميز بقيم التمغربيت، إلا أن تصريحات وهبي تمنح الفرصة لبعض التيارات الظلامية لتتقوى و يشتد عودها و تنتعش من جديد رغم كل الجهود التي تبذلها الدولة من أجل محاربة التطرف. فماذا يخفي وزير العدل في جعبته من تصريحات في قادم الأيام ؟