بعدما علق المواطن الفاسي أملا كبيرا على نتائج الاستحقاقات الانتخابية للثامن من شتنبر و على الدور الهام للنخب في الإقلاع التنموي بمدينة فاس، تفاجأ بالواقع المرير الذي أضحت عليه العاصمة العلمية بعد الانتخابات. حيث وجد نفسه في مواجهة وعود انخابية سرعان ما تلاشت.
فعلى الرغم من كل التعهدات التي زخرف بها المرشحون حملاتهم الانتخابية، لم يلمس المواطن الفاسي تغيرات ملموسة في حياته اليومية. بل على عكس ذلك يرى كثيرون أن نتائج هذه الانتخابات لم تكن سوى وهم سياسي جديد أُضيف إلى مسار طويل من الوعود الكاذبة.
أين هي البنيات التحتية التي وعد بها المنتخبون ؟ أين هو الحل في ما يتعلق بمشكل النقل الحضري الذي تظاهر من أجله عدة منتخبين في السابق ؟ أين هي الوعود بجلب الاستثمارات و تطوير قطاع السياحة ؟ إلى أين يسير قطاع تدبير النفايات منذ 8 شتنبر ؟
كل هذا تبخر مع مرور الوقت : مشكل النظافة ما زال قائما، و خدمة النقل الحضري ما تزال عرجاء دون حلول جذرية، الأحياء المهمشة ما زالت تعاني من نقص الخدمات الأساسية، والبطالة لا تزال مرتفعة. هذا التناقض بين الوعود والواقع دفع العديد من المواطنين إلى التساؤل : هل كانت هذه الانتخابات مجرد مسرحية سياسية الهدف منها إعادة إنتاج نفس الوجوه والسياسات ؟
للأسف اصطدم المواطن الفاسي بخيبة أمل كبيرة تعمق هوة فقدان الثقة بينه و بين المؤسسات المنتخبة. فقد علق الكثير منه سكان المدينة أمله على المجلس المنتخ من أجل تحسين أوضاعهم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام مجالس محلية عاجزة عن الاستجابة لتطلعاتهم. هذه الانتكاسة ساهمت في تعزيز شعور واسع باللامبالاة تجاه العمل السياسي، ما قد يؤدي إلى عزوف أكبر عن المشاركة في الاستحقاقات المقبلة.
و لعل من بين الأسباب التي عمّقت هذا الإحباط ضعف الأداء الجماعي للمجالس المنتخبة وتغليب المصالح الحزبية والشخصية على المصلحة العامة. حيث أن التحالفات الهشة التي تشكّلت بعد الانتخابات سرعان ما تفككت نظرا لعدم الانسجام و نظرا لتغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة للمدينة، كما أن الصراعات السياسية الجانبية كان لها دور سلبي في تدهور أوضاع المدينة.
بالمقابل، رب ضرة نافعة، فعلى الرغم من هذه الخيبة، هناك من يرى أن الأزمة الحالية يمكن أن تكون مستقبلا فرصة لإعادة التفكير في الممارسة السياسية محلياً، و محطة للقطع مع منتهزي الفرص و مع البروفايلات الفاسدة، على أمل أن تفكر الأحزاب و سلطات الداخية في المحطة الانتخابية المقبلة في اختيار أشخاص نزهاء ذوو كفاءة هاجسهم الأول خدمة الوطن و المواطنين مع تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.