فاس من جديد على صفيح ساخن، وهذه المرة بملف ثقيل يتجاوز التهرب الضريبي والفساد الإداري، ليصل إلى شبكة منظمة لفواتير وهمية، كلّفت خزينة الدولة ملايين الدراهم، وسقط في شباكها ابن أحد أبرز مليارديرات المدينة، بعد تحريات دقيقة باشرتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بتنسيق محكم من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي).
التحقيقات، التي بدأت، أسقطت عدة أسماء وازنة، ضمنها رجال أعمال ومحاسبون، لكن المفاجأة الكبرى كانت تورط ابن ملياردير معروف بعلاقاته النافذة و تبجحه الدائم بالمال و السلطة .
غير أن ذلك لم يشفع له هذه المرة، بعدما وجد نفسه في مواجهة وكيل ملك صارم، ووكيل عام لا يُهادن في ملفات الفساد .
النيابة العامة بفاس، التي يقودها اليوم مسؤولان قضائيان من طينة نادرة، أبانت عن استقلالية و شجاعة كبيرة في التصدي لهذا النوع من الجرائم ، مُكرسة بذلك ثقة المواطن في مؤسسة القضاء حين تتحرر من الحسابات السياسية أو الضغوط الاجتماعية.
وتكشف مصادر مطلعة أن الملف يتّسع، وقد يسقط رؤوسًا أخرى، خصوصًا بعدما تم حجز وثائق ومستندات رقمية تُشير إلى وجود شبكة ضخمة للفواتير الوهمية يقودها محاسب معروف بفاس ، تُستخدم لغسل الأموال، وتضخيم المصاريف، والتهرب من الأداءات الجبائية .
اليوم ، يعاد رسم ملامح المعادلة في فاس ، المال لا يُحصّن من المساءلة، والجاه لا يُمنح حصانة ضد العدالة. إنها رسالة واضحة من القضاء، مفادها أن رئاسة النيابة العامة اختارت لفاس رجالًا لا يخافون في الحق لومة لائم.
