في وقت تعيش فيه مدينة فاس على وقع أوراش متفرقة، عنوانها “التهيئة”، تطرح ساكنة العاصمة العلمية علامات استفهام كبرى حول جودة، جدوى، ومنطق تدبير هذه المشاريع، خصوصًا في ظل مشاهد متكررة من العبث والإرتجال: أشغال تنطلق ليتم تفكيكها بعد أيام، مدارات تُحفر وتُجهز ثم تُعاد من جديد، وطوارات تُثبت ثم تُزال وتُعاد بشكل مغاير، والنتيجة تبذير واضح للمال العام دون حسيب ولا رقيب.
كل هذه الاختلالات الفاضحة تقع تحت أعين المدير العام لشركة “فاس التهيئة” هشام القرطاسي، الذي لم يُظهر لحد الساعة أي بادرة لمراجعة مسارات العمل، أو حتى تقديم تفسيرات للرأي العام حول هذه العبثية في التدبير، التي باتت تهدد ثقة المواطن في المؤسسات وفي المشاريع العمومية.
لو كان على رأس ولاية جهة فاس مكناس والي بحزم محمد اليعقوبي أو محمد امهيدية، لكان من المرجح أن تتم إقالة القرطاسي فورًا أو على الأقل مساءلته عن أسباب الفوضى التقنية التي ترافق مشاريع التهيئة، خصوصًا مع ما تثيره من استياء شعبي وتندر يومي على مواقع التواصل الاجتماعي.
الغريب أن المجالس المنتخبة والجهات الرقابية تلتزم صمتًا لافتًا أمام هذه الخروقات، وكأن تبذير المال العام لم يعد يستدعي المساءلة، رغم أن الأمر يتعلق بأموال دافعي الضرائب ومشاريع يفترض أنها تُنفذ لتحسين جودة الحياة لا لخلق المزيد من المتاعب اليومية للمواطن.
يبقى الأمل في أن تتحرك الجهات العليا المعنية، سواء من خلال المفتشية العامة لوزارة الداخلية، أو المجلس الأعلى للحسابات، لفتح تحقيق شامل حول صفقات التهيئة، ومراقبة جودة الأشغال، ومسؤولية “فاس التهيئة”، لأن فاس لا تحتمل مزيدًا من العشوائية وسوء التدبير.