بعد أشهر من الانتظار والوعود المتكررة، وقبيل أسابيع قليلة عن انطلاق كأس أمم إفريقيا التي ستحتضنها بلادنا، يجد سكان وزوار العاصمة العلمية فاس أنفسهم أمام مشهد صادم: الأزبال تتكدس في الأزقة والشوارع، والروائح تزكم الأنوف، فيما صورة المدينة على المحك.
الملف البيئي بفاس تحوّل إلى عنوان للفشل، بعدما تبخّر الأمل في أن تنعم المدينة بنظافة تليق بتاريخها وحجمها، خصوصًا وأن ميزانية ضخمة قُدرت بـ 22 مليار سنتيم رُصدت للشركتين المفوض لهما تدبير القطاع. غير أن الواقع يؤكد أن هذه الأموال تبعثرت بين التدبير السيئ، غياب المراقبة الصارمة، وتراخي المنتخبين عن ممارسة دورهم في المحاسبة والتتبع.
الساكنة اليوم لا تسائل فقط الشركات المفوض لها، بل أيضًا المجلس المنتخب برآسة عبد السلام البقالي و تحالفه الهش الذي عجز عن فرض القانون، وعن إلزام الشركتين بتنفيذ بنود دفتر التحملات، في وقت تتحول فيه فاس إلى “نقطة سوداء” بيئية تهدد سمعة المغرب وهو يستعد لاستقبال ضيوف القارة الإفريقية.
في ظل هذا الوضع، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: من يحاسب من؟ وأين ذهبت 22 مليار سنتيم التي كان من المفروض أن تجعل من فاس مدينة نظيفة؟
المحاسبة لم تعد ترفًا، بل ضرورة قصوى، لأن استمرار هذا العبث يسيء إلى صورة فاس دوليًا، ويحوّل وعود التنمية إلى مجرد شعارات معلّقة.