تاونات.. فائض مالية الجماعات، دليل حكامة أم سوء تدبير؟

الحقيقة 242 فبراير 2023
تاونات.. فائض مالية الجماعات، دليل حكامة أم سوء تدبير؟

عادل عزيزي

في كل مرة يثير التدبير السياسي اليومي للجماعات الترابية بإقليم تاونات، أكثر من علامة استفهام، قوامه مسؤولية الأحزاب السياسية والفاعلين السياسيين والترابيين، عن حسن تدبير شؤون الجماعات والاستجابة لاحتياجات الساكنة،
ففي الوقت التي تعاني منه العديد من الجماعات الترابية على مستوى إقليم تاونات من خصاص كبير في خدمات القرب ومشاريع التنمية المحلية، نجد ان بعض المجالس الجماعية يفتخرون بانهم حققوا فائضا في ميزانية جماعاتهم.

تعتبر التنمية الاجتماعية للجماعات حلقة رئيسية، تدخل في نطاق استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى، وتهدف إلى إقرار تنمية بشرية مستديمة وتقليص الفوارق الاجتماعية بين مختلف مكونات الإدارة المحلية، وذلك بالاعتماد على التآزر والتضامن الاجتماعي وعلى أساليب جديدة لإعادة توزيع ثمار النمو الاقتصادي، مع اللجوء إلى التعاون والشراكة ما بين الجماعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

و عليه، فتحقيق الجماعات الترابية بإقليم تاونات للفائض هو أمر سلبي في خضم المشاكل الكبيرة التي تعاني منها هذه الجماعات، فهذا الفائض كان سيكون ايجابيا لو أن الخدمات المقدمة للمواطنين من صحة و بينة تحتية و مشاريع تنموية .. في المستوى اللائق، إنّ الفائض الذي تسجله الجماعات الترابية يدل على سوء الحكامة، وهو مؤشر على أن هذه الجماعة لها أموال ولا تعرف ما يمكن أن تفعل بها.

إن السعي إلى تلبية حاجيات السكان وتحسين ظروفهم المعيشية، تشكل إحدى الأولويات الأساسية لمحاور الاستراتيجية المحلية للتنمية، لضمان تحقيق هذا الهدف، فإن مشاركة السكان إلى جانب ممثليهم داخل الجماعات في تحديد الحاجيات ذات المنفعة، تعتبر عاملا أساسيا.


لذلك، فالحاجة ماتزال قائمة لأساسيات كبيرة تعاني منها الجماعات الترابية بإقليم تاونات على مستوى الخدمات الثقافية والاجتماعية والتنموية، تجعل تسجيل هذه الجماعات للفائض غير عملي، و دلالة على سوء تنفيذ الميزانية وضعف في التدبير وخلل في توقع التحصيل.

إن التصور الجديد للدور المنوط بالجماعة الترابية وفق القانون رقم 14-113 الجديد إضافة إلى الأدوار التقليدية، يقوم بالأساس على تنشيط الاقتصاد المحلي، وإنعاش الدورة الاقتصادية بالجماعة، وبذلك فإن السياسة التنموية الجادة التي تسعى إلى الرفع من المستوى المحلي، هي تلك التي تهدف إلى جعل الجماعات المحلية البنية الأساسية للتنمية، وقطب إشعاع اقتصادي واجتماعية.

فالجماعات الترابية مدعوة أكثر لتنشيط الحياة الاقتصادية المحلية ودخول عمار التنافسية والاستثمار والانفتاح على المبادرات والشراكات الخارجية المختلفة، ويبدو أن الرهان أكثر إلحاحا مع تنامي حاجيات اجتماعية ذات طابع ترابي كما هو الشأن بالنسبة لتوفير السكن وما يتطلب ذلك من تجهيزات ومناطق للأنشطة الاقتصادية والإدارية والصناعية هي في تزايد مستمر باستمرار الامتداد المجالي للمدن.

إن المغرب مقبل على نموذج اقتصادي مبني على الإنتاج والإنتاجية، ويجب أن يعوض النموذج الاقتصادي المبني على الاستهلاك، وهذا التحول سيكون في مصلحة البلد، لذا، يجب على الجماعات الترابية بإقليم تاونات أن تنخرط في هذا الاتجاه وتدعم هذه الرؤية، بالابتكار وخلق الأفكار الجديدة على المستوى الترابي، والتي تسعى إلى تحقيق تنمية حقيقية وإيجاد فرص الشغل.

الاخبار العاجلة