الفقر و غلاء الأسعار ..بؤس المحتاجين في اتساع، و السلم الاجتماعي في خطر؟!

الحقيقة 2426 مارس 2023
الفقر و غلاء الأسعار ..بؤس المحتاجين في اتساع، و السلم الاجتماعي في خطر؟!

عادل عزيزي

كثيرة هي المشاكل التي يعاني منها المغاربة، لكن يبقى مشكل غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية هو أكبر مشكل يهدد استقرار الأسرة والمجتمع المغربي، إن الوضع الحالي هو وضع صعب جدا، بل وزاد تأزما مع حكومة 8 شتنبر بعد موجة الغلاء المتزايد يوما بعد يوم، و كان الحكومة همها الشاغل هي رفع الأسعار و ضرب القدرة الشرائية للمواطن البسيط ليزداد الفقر وترتفع البطالة.


تتداول مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم صرخات مواطنين من قلب أسواق شعبية بالمملكة يشتكون فيها من الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بشكل جنوني، ما أثقل كاهلهم وتركهم في حيرة من أمرهم في كيفية الحصول على لقمة عيشهم اليومية وسد رمق عائلاتهم، صرخات تلخص غضب وسخط المغاربة لما آلت اليه الأمور في البلاد جراء سياسات ساهمت في تجويع الشعب وتركته مغلوبا على أمره، تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة احتجاج يتنفس من خلالها المواطن البسيط وسط مطالب بتدخل عاجل، رأفة بجيوب المواطنين وتنديدا بعدم استعداد الحكومة للخوض في أي قرارات جديدة.


اليوم نعيش غلاء من نوع آخر، غلاء يزيد يوما بعد يوم، تشتري منتوجا بثمن وغدا تجد ثمنه ارتفع وبعد الغد تجد ثمنه ارتفع من جديد، هكذا دون سابق إنذار وكل هذا تحت شعار “زادو فيه” من هم: الله أعلم؟.


لقد أثار ارتفاع الأسعار موجة غضب عارمة دفعت السلطات إلى الخروج إلى الأسواق، من أجل مراقبة الأسعار، في خطوة وصفت بأنها “استعراضية وبلا جدوى”، لأن الباعة أنفسهم يشتكون من ارتفاع الأسعار في أسواق الجملة، نتيجة تلاعبات تتخلل سلاسل الإنتاج، بما في ذلك الاحتكار والوساطة والريع.
أزمة غلاء المعيشة هي أكبر المخاطر التي تحدق بالمغرب خلال السنتين القادمتين، حسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، يواجه البلد مخاطر أخرى ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية، هي التضخم السريع والمستمر، والصدمات الشديدة في أسعار السلع الأساسية، والأزمات الحادة في المعروض من السلع الأساسية بالأسواق.
إن ضرب القدرة الشرائية للمواطن بهذا الشكل من شأنه أن يزعزع استقرار الأسرة المغربية، فهناك أسر تفرقت بسبب المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، فلم يعد رب الأسرة قادرا على تغطية مصاريف أسرته من مأكل ومشرب وملبس وتكاليف الكراء والمرض..، أصبح من الصعب جدا مسايرة هذا الوضع وكأنك تتسلق جبلا شامخا بدون معدات؟.


إن المواطن المغلوب على أمره حاليا مشوش الأفكار وظهره مقصوم بالقروض سواء من البنوك أو المعارف والأصدقاء لتغطية التزاماته المالية المتزايدة، وأدى هذا لغرق المزيد من فئات المجتمع في كابوس الديون، فلجأ البعض إلى اتخاذ مجموعة من التغييرات على حياته كالتقليل من المصاريف والنفقات غير الضرورية، ومراجعة بعض العادات الاستهلاكية دون أن تتأثر حياته من هذا الوضع الجديد.


ورغم كل هذا وذاك يبقى السؤال الذي يتردد في ذهن المواطن دائما هو: هل سبب هذه الأزمات هي الحرب الروسية الأوكرانية، أم هي تداعيات أزمة جائحة كورونا، أم أن السبب هو زيادة سعر المواد الخام أم المحروقات أم ماذا…؟؟


قبل بضعة أيام فقط، خرج مسؤولون حكوميون والناطق الرسمي باسم الحكومة وقالوا إن سبب الغلاء هو البرد وهو المطر وهو الثلج وهو أحوال الطقس المتقلبة..، وها قد زال البرد وانقطع المطر وذاب الثلج واستقرت أحوال الطقس على أشعة شمس حارقة..، لكن، وعوض أن تنخفض أسعار الخضر فإن العكس هو الذي حصل.


متاهة من الأسئلة التي لن يجد لها المواطن البسيط حلا أو تفسيرا مقنعا، لأنه يرى أمورا لا علاقة لها بالحرب في نظره ولا بأزمة كورونا و لا بالبرد أو الثلج قد ارتفع سعرها، منتوجات مغربية خالصة، من خضر وفواكه ولحوم بأنواعها…!؟


المغرب بلد العطاء والخير والفلاحة، فكيف يعقل أن يصل منتوج فلاحي كالطماطم مثلا إلى 10 دراهم وأكثر وهو بلد مُصدر رئيسي للطماطم، و سعر كيلو واحد من البصل 17 درهم في الأسواق الشعبية وفي أسواق البسطاء من الناس وليس في الأسواق الممتازة وعلية القوم، ناهيك عن ارتفاع سعر السمك “السردين حوت الفقراء بـ 30 درهم للكيلو” ونحن بلد يمتلك واجهتين بحريتين، هذه الأمور هي من تجعل المواطن يتذمر ويستشيط غضبا مما يقع.


تواجه حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش مؤشرات احتقان اجتماعي متصاعد، لأن المحفظة المثقوبة والمعدة الفارغة خاصة في شهر رمضان حيث يميل الاستهلاك إلى الزيادة، هما المزيج المثالي لغضب اجتماعي لا يمكن احتواءه بأي حال من الأحوال، فإذا لم تنجح الحكومة في تجنبه هذه المرة، سوف تقود البلاد إلى الأسوأ.

الاخبار العاجلة