أوقفت وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة، مجموعة من رؤساء الجماعات ونوابهم ومستشارين، عن ممارسة مهامهم، مع إحالة تقارير بخصوصهم على القضاء الإداري لإصدار قرار العزل.
وفي هذا الصدد طالب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، بضرورة أن تقوم المفتشية العامة لوزارة الداخلية- والتي اعتمدت تقاريرها في عزل عدد من المنتخبين- بأدوارها على قدم المساواة بين الجماعات وأن لاتستثني جماعات محظوظة يتولى تسييرها أشخاص لهم سلطة ونفوذ وعلاقات متشعبة.
واعتبر الغلوسي، ضمن تدوينة على صفحته الخاصة، أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية “لايمكن إلا تثمينها واعتبارها تتجاوب مع مطالب المجتمع الهادفة إلى تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة”، وشدد على أنه “يجب أن يخضع الجميع على قدم المساواة للقانون دون أي تمييز”.
ويرى رئيس جمعية حماية المال العام أن تلك التقارير المنجزة لن يكون لها معنى إذا اقتصرت على تحريك مسطرة العزل دون إحالتها على النيابة العامة لتحريك المتابعات الجنائية ضد المتورطين في جرائم المال العام.
كما اعتبر أن هذه المتابعات ستكون بدورها قاصرة مالم يعقبها تحريك مسطرة الإشتباه في غسل الأموال وحجز ومصادرة ممتلكات المعنيين، ذلك ان هناك منتخبين ظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش، بعدما كانوا لايملكون أي شيء، واستعملوا كل الأساليب وتطاحنوا من أجل تولي المسؤولية العمومية، واستغلوا ذلك لقضاء المصالح الشخصية والاستفادة من الريع وبيئة حاضنة للفساد لجمع الثروة المشبوهة.
ونبه الغلوسي إن أن بعض الجماعات موظفين “كبار” يشكلون العلبة السوداء لتلك الجماعات، ويعرفون كل تفاصيلها، كانوا إلى عهد قريب مجرد اشخاص بسطاء لا يملكون حتى السكن، يعيشون على الكفاف وقهرتهم القروض الإستهلاكية، لكن بعد ذلك ومع الوقت تعلموا الحرفة جيدا وأسسوا شبكات من العلاقات المصلحية بفضل مواقعهم (أقسام التعمير، الرخص الإقتصادية وغيرها، أقسام الصفقات والميزانية…)، وهكذا وبسرعة البرق ظهرت عليهم معالم الثروة، وتحولوا إلى أثرياء يلعنون أيام الفقر والحاجة.
وأشارإلى أن هؤلاء الموظفين امتهنوا “الجزارة” ويطلق عليهم “المنشار”، ويرفضون كل محاولات إصلاح الإدارة، بل ويعرقلون كل الخطوات الرامية إلى ذلك، وفي مكتبهم تجد عبارة “الإدارة في خدمة المواطن”، لكنهم يعمقون الفساد والريع في الحياة العامة ويشكلون إلى جانب آخرين في الجماعات المحلية وبعض رجال السلطة شبكات لمقاومة أي إصلاح.
وشدد الغلوس على أن وزارة الداخلية من الضروري أن تقوم بدورها في تفكيك شبكة الموظفين المتغولين والذين راكموا ثروات مشبوهة، ومنهم من أصبح يملك عقارات وأموال طائلة، وذلك بإحالة التقارير على النيابة العامة لتحريك المتابعات الجنائية، بما في ذلك تحريك مسطرة الاشتباه في غسل الأموال وحجز ممتلكاتهم وأموالهم ومصادرتها لفائدة الدولة.