فن “التبوريدة” على سيارات “سيتروين شوفو2” : تشويه للتراث الثقافي اللامادي المغربي و وزارة الثقافة تتحمل قسطا من المسؤولية

الحقيقة 244 أغسطس 2022
فن “التبوريدة” على سيارات “سيتروين شوفو2” : تشويه للتراث الثقافي اللامادي المغربي و وزارة الثقافة تتحمل قسطا من المسؤولية

رضوان الغفولي

لا شك أن المغرب يزخر بتنوع ثقافي و حضاري مهم على مستوى العالم و خاصة الدول العربية، و قد نجح المغرب في تسجيل العديد من المآثر العمرانية كما التراث الفني لدى منظمة اليونسكو، و من بينها فن التبوريدة الذي أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة على قائمتها للتراث الثقافي اللا مادي منذ دجنبر 2021.


لكن أصبح هذا التراث يعيش تشويها و اندحارا يساهم فيه المنتخبون و السلطات المحلية و تتحمل فيه وزارة الثقافة قسطا من المسؤولية. نتكلم هنا عن المسخ الذي لحق فن “الفانتازيا” بأحد المهرجانات المنظمة مؤخرا بمدينة تارودانت. حيث أظهرت مقاطع فيديو فن التبورة على سيارات “سيتروين شوفو2” مُتَخَلّين عن الخيل الأمازيغي و العربي الأصيل.
هذا التقليد الفروسي الذي يرتكز بالأساس على الفارس الممتطي جواده منتهيا بإطلاق طلقات نارية في السماء، حاد عن أصله المُتوارَث منذ مئات السنين في المغرب، و تحول إلى مسخ ثقافي بعيدا كل البعد عن الهوية المغربية الأصيلة.


تلك المشاهد لم تسلم من سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، منددين في نفس الوقت بالتشويه الذي أصاب هذا الفن المغربي الأصيل بسبب المسؤولين عن تنظيم هذا المهرجان، و الذي تتحمل فيه وزارة الثقافة جزءا من المسؤولية كونها المشرف عن كل ما هو ثقافي في المغرب، و خاصة إذا ما تعلق الأمر بتراث ثقافي لا مادي تم إدراجه مؤخرا في لائحة اليونسكو.


لا ننكر أن السيد محمد مهدي بنسعيد وزير الشباب و الثقافة و الاتصال في حكومة عزيز أخنوش قد أعطى قيمة مضافة للفعل الثقافي منذ تعيينه على رأس هذه الوزارة. كما أن الكل يشهد بالمجهود الجبار الذي يبذله رفقة فريق عمله من أجل تثمين الموروث الثقافي و خلق الرواج الثقافي و فرص اقتصادية و مناصب للشغل بفضل الغنى الثقافي للمغرب. لكن هذا لا يعفيه من مسؤولية تشويه التراث الثقافي الذي لحق فن “التبوريدة” في المغرب. دجرة التشويه الذي أصاب هذا الفن يقتضي من السيد الوزير أن يفتح تحقيقا و يربط الاتصال بالمسؤولين عن تنظيم هذا المهرجان مع إعطاء تعليماته لمندوبيات الثقافة على الصعيد الوطني بغية صيانة الموروث الثقافي المتجذر في أعماق الهوية المغربية، كي لا ينحرف مجددا عن المسار الحياتي الذي قطعه على مدى قرون.


الذين نظموا هذا المهرجان شوهوا من حيث لا يدرون الثقافة المغربية ؛ فالتجديد لا يعني الانسلاخ عن الهوية الأصيلة و تغيير ملامحها، فلا يستطيع المرء التعرف عليها.


لا بأس أن يتم المزج بين الأصالة و المعاصرة في موروثنا الثقافي لكن يستوجب على السيد الوزير المنتمي لحزب الأصالة و المعاصرة أن يحافظ على أصالة ثقافتنا و يصونها بما لا يشوه صورتها لدى المتلقي، متمنين له كامل التوفيق في المهام الملقاة على عاتقه.

الاخبار العاجلة