استمتعنا بالخطاب الملكي الموجه إلى أعضاء البرلمان برسم افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة 14/10/2016 .
و ككل مرة عبر خطابه نحس أن الملك معانا ماشي معاهم…لكن هذه المرة لا نريد أن يوضع هذا الخطاب بالضبط في الأرشيف ثم ترجع ” ميمة إلى حالتها القديمة “، لأن المُترقب باث ينتضر إشارات في المستقبل تزكي تفائله لأن ما جاء اليوم في خطاب الملك يبرز لهجة جديدة و مرحلة مختلفة و تحولا في نصوص المؤسسة الملكية الموجهة هذه المرة للمؤسسات خلافا للمواطنين.
و هنا سنقف جميعا عند 14 محطة جائت في خطاب مختصر و جريء، لكن ليس بهذف النقد و لكن بغية تحليل موجز…
فحينما افتتح صاحب الجلالة خطابه الجريء محاولا تصحيح مفهوم خاطئ يسود مسار المنتخبين، انتقل ليُذكرهم بأن خطابه ليس تزكية أو تشريف للملتحقين الجدد بقدر ما أن حضوره كملك إلى ذلك المنبر لحرصه التام على مخاطبهم من خلاله تاكيدا منه بأن هناك عنصر تشتغل من أجله جل مؤسسات الدولة و القصر على حد سواء ألا و هو المواطن البسيط.
خطاب الملك لم يأتي كعادته إثر حراك أو توجس أو ضرفية سياسية حرجة و إنما جاء بمنطق قرصة الأذن للمؤسسات العمومية و الممثلة في سلك الوظيفة…
– 1 مسؤولية الأسرة الملكية :
لقد آثر الملك على أن يُذكر المنتخبين بأن المؤسسة الملكية حارصة كل الحرص على ضمان صيانة المسار الدستوري، مذكرا كذلك أن ما وصل إليه المغاربة اليوم من وعي في تداول سلمي للسطلة ليس وليد اللحضة و لكنه امتداد لما اشتغل عليه جده الراحل محمد الخامس و الملك الراحل الحسن الثاني رحمهما الله .
– 2 التحول الجديد :
حينما تستمع إلى الخطاب أكثر من مرة، تلاحض مسألة تذكير ممثلين الأمة بتشريعيات سنة 2011، حيث أكد أنها لم تكن استحقاق بقدر ما أنها كانت مرحلة تأسيسية لما عليه المشهد السياسي اليوم .
– 3 المؤسسات العمومية بين القيمة و الهذف :
خطاب الملك اسقط قيمة المؤسسات العمومية القائمة كجسد بلا روح حيث أرسل عبارة ” أنها بدون جدوى ” كتحذير لما هو آت من قرارات ملكية قد تكون زجرية في بعض الأحيان مرددا كلمة : أنها ” موضوع بالغ الأهمية “…
– 4 خطاب مستهذف :
جاء الخطاب ليستهدف فئة معينة دون أخرى، ثم غاب نداء الملك المعتاد في كل خطاباته السابقة قائلا : شعبي العزيز ” ليردد عبارات استنكارية استهذف بها مؤسسات الدولة بعمومها، و هو ذليل قاطع يرسخ أن المؤسسة الملكية في خطاباتها المستقبلية تريد أن تختار الخطاب المستهذف بذلا من الخطاب الشمولي البراكماتي بدلالات و رسائل يصعب تحليلها بل كان السهل الممتنع سيدة القبة.
– 5 الإدانة الشاملة :
كلما قرأت سطور الخطاب الملكي مرات متكررة تَبرزُ إدانة المؤسسات العمومية عبر مواردها البشرية المتهالكة من أصغر رتبة وظيفية إلى أعلاها حيث ربط تخلف عجلة النمو و التقدم بالسلوك الإداري المغربي العام.
– 6 المصالح الخاصة :
لم يمر الخطاب الملكي دون التبرأ و الإستنكار من فئة معينة توظف مسؤولياتها و مناصبها في خدمة مصالحها الشخصية لكن هذه المرة بطرح تسائل ملكي مفاده ما فائدتكم و ما دوركم بينا إذن، و هو شيء جديد يحمل الكل محمل الجد.
– 7 مكانة الملك :
أكد الملك على أن توجه عامة الشعب إليه ليحل أبسط قضاياه يمثل خلل في بنية التمثيليات البرلمانية و باقي المؤسسات الإدارية مشيرا إلى أنها لا تقوم بواجبهان و هي إذانة مباشرة لا تحتاج تفسير أو تحليل.
– 8 حضور الملك :
و في سياق تعامل أو تفاعل الملك مع الشعب عبر المباشرة أو العالم الإفتراضي أو الإستجابة لقضاء مصالحه على وجه السرعة، أكد قائلا : سأكون حاضرا و سأضل أقضي مصالحه بكل فخر و هو ما يقطع الشك باليقين بأن الملك في تواصل مستمر مع الشباب و بقية الشعب كما أنه يتأثر بحراك الشارع و نبضه.
– 9 هل هو تشخيص أم خطاب :
المثير في خطاب صاحب الجلالة هذه المرة أنه جاء ليشخص سلسلة أمراض الجسد الحكومي من خلال الوضيفة العمومية حيث قام بتشريح هذا الجسد العليل ليكشف عن مجموع أورام إدارية تنظيمية مؤسساتية تبرأ منها الملك في خطابه تارة و استنكر منها تارة أخرى حيثما وجدها ليشير إليها و كأنها ” باكاج قديم و عقلية يجب الإستغناء عنها “.
– 10 أدق تفاصيل الإدارة ” فخبار الملك ” :
في عمق الخطاب وجدنا الملك يبعث لعموم الموظفين و الموظفات الحكوميين رسائل ” راني عارف كل شيء ” كـتحدي لما هو آت من قرارات جزرية حيث دَكر عموم المؤسسات بأنها ملزمة باحترام المواطن و الرد عليه و إطلاعه على المعلومة و وضعية سير ملفاته الشخصية.
– 11 الملك حاضر بذهنية الإنتباه :
لم يمر الخطاب دون أن يتطرق لمواقف حياتية و مشاكل يومية يعيشها المواطن مع الإدارة المغربية كإشارة من الملك إلى عدم ترويج الأكاديب بأن المؤسسات المغربية بخير و أن المغرب في تقدم مستمر و هو ما سيدفع مؤسسات الرقابة المدنية لرفع أسلحة الرقابة و الصراع الذهني في المرحلة المقبلة و هو أمر أجده محمود إلى حد ما .
– 12 الحاضر كالغائب :
و في رسائل ملكية كسابقاتها لم ينسى الملك في خطابه إدراج مغاربة العالم و التطرق لبعض مشاكلهم لكن هذه المرة كان الأمر بدقة نوعا ما و هو أمر يزكي قطعية أن الملك يريد أن يقول أن ما يدوقه مغاربة الداخل من مرارة الإدارة المغربية يقتسمه معهم مغاربة العالم .
– 13 توقيع نهائي :
لم ينهي الملك خطابه دون أن يشير إلى أنه يحرص كل الحرص على التأكيد و التذكير على معالجة كل هذه المشاكل دون جدوى مند أكثر من 14 عشر سنة عبر رؤساء حكومات سابقة ما يفتح باب المجهول على مستقبل المواطن مع الإدارة إن لم تتدارك الدولة الأمر.
– 14 الأمل في خطاب الملك :
إن لجوء المغاربة للملك لحل مشاكل بسيطة بدل حلها من طرف مؤسسات الدولة ليس وصولا إلى مرحلة الفشل حسب ما جاء في خطابه و لكن ما وصلت إليه الإدارة العمومية اليوم هو إشعار أو ناقوص خطر، حيث دعى موظفي الجهات الذين وُضِعوا في مناصبهم لإنزال الجهوية المتقدمة وتقريب الإدارة من المواطن و الإنتقال إلى رقمنة الحكومة و إنهاء عهد البيروقراطية و القطيعة معه بشكل نهائي، و الإنفتاح على المواطن بذهنية خدمته كي لا يضل الوضع على ما هو عليه و كي لا يشار إلينا ضمن دول العام الثالث بل الرابع والخامس!
و أن خدمة المواطن و تغيير الذهنية الإدارية المتحجرة ستكون هي المخرج الوحيد من حفرة التخلف و الرجعية…